نازعهم فيه جمهور العلماء وقالوا: لم يكن هذا من فعله الراتب، بل ولا يثبت عنه أنه فعله، وغاية ما روي عنه فهذا القنوت أنه علمه الحسن بن علي، إلى آخر كلامه، وهو على فرض صلاحية حديث أنس للاحتجاج وعدم اختلافه واضطرابه محمل حسن. واعلم أنه قد وقع الاتفاق على عدم وجوب القنوت مطلقا، كما صرح بذلك صاحب البحر وغيره.
وعن أنس: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قنت شهرا ثم تركه رواه أحمد وفي لفظ: قنت شهرا يدعو على أحياء من أحياء العرب ثم تركه رواه أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجة. وفي لفظ: قنت شهرا حين قتل القراء فما رأيته حزن حزنا قط أشد منه رواه البخاري.
قوله: على أحياء من أحياء العرب هم بنو سليم قتلة القراء كما سيأتي في حديث ابن عباس. قوله: حين قتل القراء هم أهل بئر معونة وقصتهم مشهورة. (والحديث) يدل على عدم مشروعية القنوت في جميع الصلوات. وقد جمع بينه وبين حديث أنس الدال على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما زال يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا، بأن المراد ترك الدعاء على الكفار لا أصل القنوت. وروى البيهقي مثل هذا الجمع عن عبد الرحمن بن مهدي بسند صحيح، والقنوت له معان تقدم ذكرها في باب نسخ الكلام، والمراد في هذا الباب الدعاء. (فائدة) في البخاري من طريق عاصم الأحول عن أنس أن القنوت قبل الركوع. قال البيهقي: رواة القنوت بعد الركوع أكثر وأحفظ، وعليه درج الخلفاء الراشدون. وروى الحاكم أبو أحمد في الكنى عن الحسن البصري قال: صليت خلف ثمانية وعشرين بدريا كلهم يقنت في الصبح بعد الركوع. قال الحافظ:
وإسناده ضعيف. قال الأثرم، قلت لأحمد: يقول أحد في حديث أنس إنه قنت قبل الركوع غير عاصم الأحول، قال: لا يقوله غيره، خالفوه كلهم، هشام عن قتادة، والتيمي عن أبي مجلز، وأيوب عن ابن سيرين، وغير واحد عن حنظلة كلهم عن أنس. وكذا روى أبو هريرة وخفاف بن إيماء وغير واحد. وروى ابن ماجة من طريق سهل بن يوسف عن حميد عن أنس أنه سئل عن القنوت في صلاة الصبح قبل الركوع أم بعده؟ فقال: كلاهما قد كنا نفعل قبل وبعد. وصححه أبو موسى المديني، كذا قال الحافظ.
وعن أنس قال: كان القنوت في المغرب والفجر رواه البخاري.
وعن البراء بن عازب: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يقنت في صلاة المغرب والفجر رواه أحمد ومسلم والترمذي وصححه.