شغل يبطئ فيه عن الخروج فيشق عليهم الانتظار. قال المصنف رحمه الله تعالى بعد ذكر حديث الباب: وفيه أن الفريضة تغني عن تحية المسجد انتهى.
وعن ابن مسعود: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: لا يمنعن أحدكم أذان بلال من سحوره فإنه يؤذن أو قال ينادي بليل ليرجع قائمكم ويوقظ نائمكم رواه الجماعة إلا الترمذي.
قوله: أحدكم في رواية للبخاري: أحدا منكم شك من الراوي وكلاهما يفيد العموم. قوله: من سحوره بفتح أوله وله اسم لما يؤكل في السحر. ويجوز الضم وهو اسم الفعل. قوله: ليرجع بفتح الياء وكسر الجيم المخففة يستعمل هذا لازما ومتعديا، تقول: رجع زيد ورجعت زيدا، ولا يقال في المتعدي بالتثقيل، ومن رواه بالضم والتثقيل فقد أخطأ لأنه يصير من الترجيع وهو الترديد وليس مرادا هنا، وإنما معناه يرد القائم أي المتهجد إلى راحته ليقوم إلى صلاة الصبح نشيطا أو يتسحر إن كان له حاجة إلى الصيام، ويوقظ النائم ليتأهب للصلاة بالغسل والوضوء. والحديث يدل على جواز الاذان قبل دخول الوقت في صلاة الفجر خاصة، وقد ذهب إلى مشروعيته الجمهور مطلقا، وخالف في ذلك الثوري وأبو حنيفة ومحمد والهادي والقاسم والناصر وزيد بن علي، قال الشافعي ومالك وأحمد وأصحابهم: إنه يكتفى به للصلاة، وقال ابن المنذر وطائفة من أهل الحديث والغزالي: إنه لا يكتفى به وادعى بعضهم أنه لم يرد في شئ من الحديث ما يدل على الاكتفاء وتعقب بحديث الباب، وأجيب بأنه مسكوت عنه وعلى التنزل فمحله ما إذ لم يرد نطق بخلافه، وههنا قد ورد حديث ابن عمر وعائشة الآتي وهو يدل على عدم الاكتفاء، نعم حديث زياد بن الحرث عند أبي داود يدل على الاكتفاء، فإن فيه أنه أذن قبل الفجر بأمر النبي (ص)، وأنه استأذنه في الإقامة فمنعه إلى أن طلع الفجر فأمره فأقام، لكن في إسناده ضعف كما قال الحافظ. وأيضا فهي واقعة عين وكانت في سفر، ومن ثم قال القرطبي: إنه مذهب واضح. ويدل أيضا على عدم الاكتفاء أن الاذان المذكور قد بين النبي صلى الله عليه وآله وسلم الغرض به فقال:
ليرجع قائمكم الحديث فهو لهذه الأغراض المذكورة لا للاعلام بالوقت، والاذان هو الاعلام بدخول وقت الصلاة بألفاظ مخصوصة، والاذان قبل الوقت ليس إعلاما بالوقت، وتعقب بأن الاعلام بالوقت أعم من أن يكون إعلاما بأنه دخل أو قارب أن يدخل. واحتج المانعون من الاذان قبل دخول الوقت بحجج منها قوله (ص) لبلال: