قال مثل ما يقول ولم يقل مثل ما قال، ليشعر بأنه يجيبه بعد كل كلمة مثل كلمتها. قال الحافظ: والصريح في ذلك ما رواه النسائي من حديث أم حبيبة أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول كما يقول المؤذن حتى يسكت. وأصرح من ذلك حديث عمر بن الخطاب الآتي بعد هذا. والحديث يدل على أنه يقول السامع مثل ما يقول المؤذن في جميع ألفاظ الاذان الحيعلتين وغيرهما، وقد ذهب الجمهور إلى تخصيص الحيعلتين بحديث عمر الآتي فقالوا: يقول مثل ما يقول فيما عدا الحيعلتين، وأما في الحيعلتين فيقول: لا حول ولا قوة إلا بالله. وقال ابن المنذر: يحتمل أن يكون ذلك من الاختلاف المباح، فيقول تارة كذا وتارة كذا، وحكى بعض المتأخرين عن بعض أهل الأصول أن الخاص والعام إذا أمكن الجمع بينهما وجب أعمالهما، قال: فلم لا يقال يستحب للسامع أن يجمع بين الحيعلة والحوقلة وهو وجه عند الحنابلة. والظاهر من قوله في الحديث فقولوا التعبد بالقول وعدم كفاية إمرار المجاوبة على القلب. والظاهر من قوله مثل ما يقول عدم اشتراط المساواة من جميع الوجوه. قال اليعمري: لاتفاقهم على أنه لا يلزم المجيب أن يرفع صوته ولا غير ذلك. قال الحافظ: وفيه بحث لأن المماثلة وقعت في القول لا في صفته، ولاحتياج المؤذن إلى الاعلام شرع له رفع الصوت، بخلاف السامع فليس مقصوده إلا الذكر، والسر والجهر مستويان في ذلك. وظاهر الحديث إجابة المؤذن في جميع الحالات من غير فرق بين المصلي وغيره. وقيل: يؤخر المصلي الإجابة حتى يفرغ. وقيل:
يجيب إلا في الحيعلتين، قال الحافظ والمشهور في المذهب كراهة الإجابة في الصلاة بل يؤخرها حتى يفرغ، وكذا حال الجماع والخلاء، قيل: والقول بكراهة الإجابة في الصلاة يحتاج إلى دليل ولا دليل، ولا يخفى أن حديث إن في الصلاة لشغلا دليل على الكراهة، ويؤيده امتناع النبي (ص) من إجابة السلام فيها وهو أهم من الإجابة للمؤذن. وظاهر الحديث أنه يقول مثل ما يقول المؤذن من غير فرق بين الترجيع وغيره. وفيه متمسك لمن قال بوجوب الإجابة لأن الامر يقتضيه بحقيقته، وقد حكى ذلك الطحاوي عن قوم من السلف، وبه قالت الحنفية وأهل الظاهر وابن وهب.
وذهب الجمهور إلى عدم الوجوب. قال الحافظ: واستدلوا بحديث أخرجه مسلم وغيره:
أن النبي (ص) سمع مؤذنا فلما كبر قال: على الفطرة، فلما تشهد قال: خرج من النار قالوا: فلما قال (ص) غير ما قال المؤذن علمنا أن الامر بذلك