حكى ابن المنذر عن الحسن وجوب الإعادة. (قيل) والحكمة في ذلك أنه إذا رفع ثوبه وشعره عن مباشرة الأرض أشبه المتكبرين. قوله: الجبهة احتج به من قال بوجوب السجود على الجبهة دون الانف وإليه ذهب الجمهور. وقال أبو حنيفة: أنه يجزئ السجود على الانف وحده، وقد نقل ابن المنذر إجماع الصحابة على أنه لا يجزئ السجود على الانف وحده، وذهب الأوزاعي وأحمد وإسحاق وابن حبيب من المالكية وغيرهم إلى أنه يجب أن يجمعهما وهو قول للشافعي. (واستدل) أبو حنيفة بالرواية الثانية من حديث ابن عباس المذكور في الباب، لأنه ذكر الجبهة وأشار إلى الانف، فدل على أنه المراد ورده ابن دقيق العيد فقال: إن الإشارة لا تعارض التصريح بالجبهة لأنها قد لا تعين المشار إليه، بخلاف العبارة فإنها معينة، وفيه أن الإشارة الحسية أقوى من الدلالة اللفظية، وعدم التعيين المدعي ممنوع، وقد صرح النحاة أن التعيين فيها يقع بالعين والقلب، وفي المعرف باللام بالقلب فقط، ولهذا جعلوها أعرف منه، بل قال ابن السراج: إنها أعرف المعارف. واستدل القائلون بوجوب الجمع بينهما بالرواية الثالثة من حديث ابن عباس المذكور لأنه جعلهما كعضو واحد، ولو كان كل واحد منهما عضوا مستقلا للزم أن تكون الأعضاء ثمانية، وتعقب بأنه يلزم منه أن يكتفي بالسجود على الانف وحده والجبهة وحدها، فيكون دليلا لأبي حنيفة، لأن كل واحد منهما بعض العضو وهو يكفي كما في غيره من الأعضاء، وأنت خبير بأن المشي على الحقيقة هو المتحتم، والمناقشة بالمجاز بدون موجب للمصير إليه غير ضائرة. ولا شك أن الجبهة والأنف حقيقة في المجموع، ولا خلاف أن السجود على مجموع الجبهة والأنف مستحب. وقد أخرج أحمد من حديث وائل قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يسجد على الأرض واضعا جبهته وأنفه في سجوده وأخرج الدارقطني من طريق عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا صلاة لمن لا يصيب أنفه من الأرض ما يصيب الجبين. قال الدارقطني: الصواب عن عكرمة مرسلا، وروى إسماعيل بن عبد الله المعروف بسمويه في فوائده عن عكرمة عن ابن عباس قال: إذا سجد أحدكم فليضع أنفه على الأرض فإنكم قد أمرتم بذلك. قوله: واليدين المراد بهما الكفان بقرينة ما تقدم من النهي عن افتراش السبع والكلب. قوله: والرجلين وفي الرواية الثانية والثالثة: والركبتين والقدمين وهي معينة للمراد من الرجلين في الرواية الأولى.
(والحديث) يدل على وجوب السجود على السبعة الأعضاء جميعا، وقد تقدم الخلاف