رسول الله صلى الله عليه وسلم حر الرمضاء في جباهنا وأكفنا فلم يشكنا وأخرجه مسلم بدون لفظ حر وبدون لفظ جباهنا وأكفنا، ويجمع بين الحديثين بأن الشكاية كانت لأجل تأخير الصلاة حتى يبرد الحر، لا لأجل السجود على الحائل، إذ لو كان كذلك لاذن لهم بالحائل المنفصل، كما تقدم أنه كان (ص) يصلي على الخمرة، ذكر معنى ذلك الحافظ في التلخيص. وأما ما أخرجه أبو داود في المراسيل عن صالح بن خيوان السبائي أن رسول الله (ص) رأى رجلا يسجد إلى جنبه وقد اعتم على جبهته فحسر عن جبهته.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عياض بن عبد الله قال: رأى رسول الله (ص) رجلا يسجد على كور العمامة فأومأ بيده ارفع عمامتك فلا تعارضهما الأحاديث الواردة بأنه صلى الله عليه وآله وسلم كان يسجد على كور عمامته، لأنها كما قال البيهقي لم يثبت منها شئ يعني مرفوعا. وقد رويت من طرق عن جماعة من الصحابة. منها: عن ابن عباس عند أبي نعيم في الحلية وفي إسناده ضعف كما قال الحافظ. ومنها: عن ابن أبي أوفى عند الطبراني وفيه قائد أبو الورقاء وهو ضعيف. ومنها: عن جابر عند ابن عدي وفيه عمرو بن شمر وجابر الجعفي وهما متروكان. ومنها: عن أنس عند ابن أبي حاتم في العلل وفيه حسان بن سيارة وهو ضعيف.
ورواه عبد الرزاق مرسلا. وعن أبي هريرة قال أبو حاتم: هو حديث باطل، ويمكن الجمع إن كان لهذه الأحاديث أصل في الاعتبار، بأن يحمل حديث صالح بن خيوان وعياض بن عبد الله على عدم العذر من حر أو برد، وأحاديث سجوده صلى الله عليه وآله وسلم على كور العمامة على العذر. وكذلك يحمل حديث الحسن الآتي على العذر المذكور. ومن القائلين بجواز السجود على كور العمامة عبد الرحمن بن يزيد، وسعيد بن المسيب، والحسن، وبكر المزني، ومكحول، والزهري، روى ذلك عنهم ابن أبي شيبة. ومن المانعين عن ذلك علي بن أبي طالب، وابن عمر، وعبادة بن الصامت، وإبراهيم، وابن سيرين، وميمون بن مهران، وعمر بن عبد العزيز، وجعدة بن هبيرة، روى ذلك عنهم أيضا أبو بكر بن أبي شيبة.
وعن ابن عباس قال: لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في يوم مطير وهو يتقي الطين إذا سجد بكساء عليه يجعله دون يديه إلى الأرض إذا سجد رواه أحمد.
الحديث أخرج نحوه ابن أبي شيبة عنه بلفظ: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلى في ثوب واحد يتقي بفضوله حر الأرض وبردها. وأخرجه بهذا اللفظ أحمد وأبو يعلى