كالمعاطن للإبل واحدها مربض مثال مجلس، قال: وربوض الغنم والبقر والفرس مثل بروك الإبل وجثوم الطير. قوله: في أعطان الإبل هي جمع عطن بفتح العين والطاء المهملتين، وفي بعض الطرق معاطن وهي جمع معطن بفتح الميم وكسر الطاء، قال في النهاية: العطن مبرك الإبل حول الماء. (والحديث) يدل على جواز الصلاة في مرابض الغنم وعلى تحريمها في معاطن الإبل، وإليه ذهب أحمد بن حنبل فقال: لا تصح بحال، وقال: من صلى في عطن إبل أعاد أبدا، وسئل مالك عمن لا يجد إلا عطن إبل قال: لا يصلى فيه، قيل: فإن بسط عليه ثوبا؟ قال: لا. وقال ابن حزم: لا تحل في عطن إبل، وذهب الجمهور إلى حمل النهي على الكراهة مع عدم النجاسة وعلى التحريم مع وجودها، وهذا إنما يتم على القول بأن علة النهي هي النجاسة، وذلك متوقف على نجاسة أبوال الإبل وأزبالها، وقد عرفت ما قدمنا فيه، ولو سلمنا النجاسة فيه لم يصح جعلها علة، لأن العلة لو كانت النجاسة لما افترق الحال بين أعطانها وبين مرابض الغنم، إذ لا قائل بالفرق بين أرواث كل من الجنسين وأبوالها كما قال العراقي، وأيضا قد قيل: إن حكمة النهي ما فيها من النفور، فربما نفرت وهو في الصلاة فتؤدي إلى قطعها أو أذى يحصل له منها، أو تشوش الخاطر الملهي عن الخشوع في الصلاة، وبهذا علل النهي أصحاب الشافعي وأصحاب مالك، وعلى هذا فيفرق بين كون الإبل في معاطنها وبين غيبتها عنها إذ يؤمن نفورها حينئذ، ويرشد إلى صحة هذا حديث ابن مغفل عند أحمد بإسناد صحيح بلفظ: لا تصلوا في أعطان الإبل فإنها خلقت من الجن، ألا ترون إلى عيونها وهيئتها إذا نفرت؟ وقد يحتمل أن علة النهي أن يجاء بها إلى معاطنها بعد شروعه في الصلاة فيقطعها أو يستمر فيها مع شغل خاطره. وقيل: لأن الراعي يبول بينها، وقيل:
الحكمة في النهي كونها خلقت من الشياطين. ويدل على هذا أيضا من حديث ابن مغفل السابق، وكذا عند النسائي من حديثه، وعند أبي داود من حديث البراء، وعند ابن ماجة بإسناد صحيح من حديث أبي هريرة، إذا عرفت هذا الاختلاف في العلة تبين لك أن الحق الوقوف على مقتضى النهي وهو التحريم، كما ذهب إليه أحمد والظاهرية، وأما الامر بالصلاة في مرابض الغنم فأمر إباحة ليس للوجوب، قال العراقي: اتفاقا وإنما نبه صلى الله عليه وآله وسلم على ذلك لئلا يظن أن حكمها حكم الإبل، أو أنه أخرج على جواب السائل حين سأله عن الامرين فأجاب في الإبل بالمنع وفي الغنم بالاذن. وأما الترغيب المذكور في الأحاديث بلفظ: فإنها بركة فهو إنما ذكر لقصد تبعيدها عن حكم