من شروط الصلاة، قال: وعن بعض المالكية التفرقة بين الذاكر والناسي، ومنهم من أطلق كونه سنة لا يبطل تركها الصلاة. (احتج الجمهور) بقوله تعالى: * (خذوا زينتكم عند كل مسجد) * (الأعراف: 31) وبما أخرجه البخاري تعليقا ووصله في تاريخه، وأبو داود وابن خزيمة وابن حبان عن سلمة بن الأكوع قال: قلت يا رسول الله إني رجل أتصيد أفأصلي في القميص الواحد؟ قال: نعم زره ولو بشوكة وسيأتي الكلام على هذا الحديث في باب من صلى في قميص غير مزرر. وبحديث بهز بن حكيم المتقدم في أول هذه الأبواب.
ويجاب عن هذه الأدلة بأن غايتها إفادة الوجوب. وأما الشرطية التي يؤثر عدمها في عدم المشروط فلا تصلح للاستدلال بها عليها، لأن الشرط حكم وضعي شرعي لا يثبت بمجرد الأوامر، نعم يمكن الاستدلال للشرطية بحديث الباب والحديث الآتي بعده، وبحديث أبي قتادة عند الطبراني بلفظ: لا يقبل الله من امرأة صلاة حتى تواري زينتها ولا جارية بلغت المحيض حتى تختمر لكن لا يصفو الاستدلال بذلك عن شوب كدر، لأنه أولا يقال نحن نمنع أن نفي القبول يدل على الشرطية، لأنه قد نفى القبول عن صلاة الآبق ومن في جوفه الخمر، ومن يأتي عرافا مع ثبوت الصحة بالاجماع.
وثانيا بأن غاية ذلك أن الستر شرط لصحة صلاة المرأة وهو أخص من الدعوى، وإلحاق الرجال بالنساء لا يصح ههنا لوجود الفارق وهو ما في تكشف المرأة من الفتنة، وهذا معنى لا يوجد في عورة الرجل. وثالثا بحديث سهل بن سعد عند الشيخين وأبي داود والنسائي بلفظ: كان الرجال يصلون مع النبي (ص) عاقدين أزرهم على أعناقهم كهيئة الصبيان، ويقال للنساء: لا ترفعن رؤوسكن حتى تستوي الرجال جلوسا زاد أبو داود: من ضيق الأزر وهذا يدل على عدم وجوب الستر فضلا عن شرطيته.
ورابعا بحديث عمرو بن سلمة وفيه: فكنت أئمهم وعلي بردة مفتوقة فكنت إذا سجدت تقلصت عني وفي رواية: خرجت أستي فقالت امرأة من الحي: ألا تغطوا عنا است قارئكم الحديث أخرجه البخاري وأبو داود والنسائي، فالحق أن ستر العورة في الصلاة واجب فقط كسائر الحالات لا شرط يقتضي تركه عدم الصحة. (وقد احتج القائلون) لعدم الشرطية على مطلوبهم بحجج فقهية واهية. منها قولهم: لو كان الستر شرطا في الصلاة لاختص بها ولافتقر إلى النية، ولكان العاجز العريان ينتقل إلى بدل كالعاجز عن القيام ينتقل إلى القعود، والأول منقوض بالايمان فهو شرط في الصلاة ولا يختص بها،