وأعله الدارقطني بالوقف وقال: إن وقفه أشبه، وأعله الحاكم بالارسال، ورواه الطبراني في الصغير والأوسط من حديث أبي قتادة بلفظ: لا يقبل الله من امرأة صلاة حتى تواري زينتها ولا من جارية بلغت الحيض حتى تختمر. قوله: لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار قد تقدم الكلام على لفظ القبول وما يدل عليه. والحائض من بلغت سن المحيض لا من هي ملابسة للحيض فإنها ممنوعة من الصلاة، وهو مبين في رواية ابن خزيمة في صحيحه بلفظ: لا يقبل الله صلاة امرأة قد حاضت إلا بخمار. وقوله:
إلا بخمار هو بكسر الخاء ما يغطى به رأس المرأة، قال صاحب المحكم: الخمار النصيف وجمعه أخمرة وخمر. والحديث استدل به على وجوب ستر المرأة لرأسها حال الصلاة، واستدل به من سوى بين الحرة والأمة في العورة لعموم ذكر الحائض، ولم يفرق بين الحرة والأمة وهو قول أهل الظاهر. وفرقت العترة والشافعي وأبو حنيفة والجمهور بين عورة الحرة والأمة، فجعلوا عورة الأمة ما بين السرة والركبة كالرجل. والحجة لهم ما رواه أبو داود والدارقطني وغيرهما، وقد ذكرنا لفظ الحديث في شرح حديث أبي موسى المتقدم في الباب الذي قبل هذا، وبما رواه أبو داود أيضا بلفظ: إذا زوج أحدكم عبده أمته فلا ينظر إلى عورتها قالوا: والمراد بالعورة المذكورة في هذا الحديث ما صرح ببيانه في الحديث الأول. وقال مالك: الأمة عورتها كالحرة حاشا شعرها فليس بعورة، وكأنه رأى العمل في الحجاز على كشف الإماء لرؤوسهن، هكذا حكاه عنه ابن عبد البر في الاستذكار. قال العراقي في شرح الترمذي: والمشهور عنه أن عورة الأمة كالرجل، وقد اختلف في مقدار عورة الحرة فقيل جميع بدنها ما عدا الوجه والكفين، وإلى ذلك ذهب الهادي والقاسم في أحد قوليه، والشافعي في أحد أقواله، وأبو حنيفة في إحدى الروايتين عنه ومالك. وقيل: والقدمين وموضع الخلخال وإلى ذلك ذهب القاسم في قول وأبو حنيفة في رواية عنه، والثوري وأبو العباس، وقيل: بل جميعها إلا الوجه وإليه ذهب أحمد بن حنبل وداود. وقيل: جميعها بدون استثناء وإليه ذهب بعض أصحاب الشافعي وروي عن أحمد. وسبب اختلاف هذه الأقوال ما وقع من المفسرين من الاختلاف في تفسير قوله تعالى: * (إلا ما ظهر منها) * (النور: 31) وقد استدل بهذا الحديث على أن ستر العورة شرط في صحة الصلاة، لأن قوله: لا يقبل صالح للاستدلال به على الشرطية كما قيل. وقد اختلف في ذلك فقال الحافظ في الفتح: ذهب الجمهور إلى أن ستر العورة