من طريق المقبري عن عمرو بن سليم: حتى إذا أراد أن يركع أخذها فوضعها ثم ركع وسجد حتى إذا فرغ من سجوده وقام أخذها فردها في مكانها. وهذا صريح في أن فعل الحمل والوضع كان منه لا منها، وهو يرد تأويل الخطابي حيث قال: يشبه أن تكون الصبية قد ألفته، فإذا سجد تعلقت بأطرافه والتزمته فينهض من سجوده فتبقى محمولة كذلك إلى أن يركع فيرسلها. ويرد أيضا قول ابن دقيق العيد: أن لفظ حمل لا يساوي لفظ وضع في اقتضاء فعل الفاعل لأنا نقول: فلان حمل كذا ولو كان غيره حمله، بخلاف وضع فعلي هذا، فالفعل الصادر منه هو الوضع لا الرفع فيقل العمل انتهى. لأن قوله: حتى إذا فرغ من سجوده وقام أخذها فردها في مكانها صريح في أن الرفع صادر منه صلى الله عليه وآله وسلم، وقد رجع ابن دقيق العيد إلى هذا فقال: وقد كنت أحسب هذا يعني الفرق بين حمل ووضع، وأن الصادر منه الوضع لا الرفع حسنا، إلى أن رأيت في بعض طرقه الصحيحة فإذا قام أعادها انتهى. وهذه الرواية في صحيح مسلم. ولأحمد:
فإذا قام حملها فوضعها على رقبته. (والحديث) يدل على أن مثل هذا الفعل معفو عنه. من غير فرق بين الفريضة والنافلة والمنفرد والمؤتم والامام لما في صحيح مسلم من زيادة: وهو يؤم الناس في المسجد وإذا جاز ذلك في حال الإمامة في صلاة الفريضة جاز في غيرها بالأولى. قال القرطبي: وقد اختلف العلماء في تأويل هذا الحديث، والذي أحوجهم إلى ذلك أنه عمل كثير، فروى ابن القاسم عن مالك أنه كان في النافلة، واستبعده المازري وعياض وابن القاسم، قال المازري: إمامته بالناس في النافلة ليست بمعهودة. وأصرح من هذا ما أخرجه أبو داود بلفظ: بينما نحن ننتظر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الظهر أو العصر وقد دعاه بلال إلى الصلاة إذ خرج علينا وأمامة على عاتقه فقام في مصلاه فقمنا خلفه فكبر فكبرنا وهي في مكانها. وروى أشهب وعبد الله بن نافع عن مالك أن ذلك للضرورة حيث لم يجد من يكفيه أمرها، وقال بعض أصحابه:
لأنه لو تركها لبكت وشغلته أكثر من شغلته بحملها. وفرق بعض أصحابه بين الفريضة والنافلة. وقال الباجي: إن وجد من يكفيه أمرها جاز في النافلة دون الفريضة، وإن لم يجد جاز فيهما. قال القرطبي: وروى عبد الله بن يوسف التنيسي عن مالك أن الحديث منسوخ.
قال الحافظ: روى ذلك عنه الإسماعيلي لكنه غير صريح. وقال ابن عبد البر: لعل الحديث منسوخ بتحريم العمل والاشتغال في الصلاة، وتعقب بأن النسخ لا يثبت بالاحتمال،