وعن أم سلمة: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم دخل على أم سلمة وهي تختمر فقال: لية لا ليتين رواه أحمد وأبو داود.
الحديث رواه عن أم سلمة وهب مولى أبي أحمد، قال المنذري: وهذا يشبه المجهول، وفي الخلاصة أنه وثقه ابن حبان. قوله: وهي تختمر الواو للحال والتقدير دخل عليها حال كونها تصلح خمارها، يقال: اختمرت المرأة وتخمرت إذا لبست الخمار، كما يقال: اعتم وتعمم إذا لبس العمامة. قوله: فقال لية بفتح اللام وتشديد الياء والنصب على المصدر، والناصب فعل مقدر والتقدير ألويه لية. قوله: لا ليتين أمرها أن تلوي خمارها على رأسها وتديره مرة واحدة لا مرتين لئلا يشبه اختمارها تدوير عمائم الرجال إذا اعتموا فيكون ذلك من التشبه المحرم، وسيأتي أنه محرم على العموم من دون تخصيص.
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: صنفان من أهل النار لم أرهما بعد: نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات على رؤوسهن أمثال أسنمة البخت المائلة لا يرين الجنة ولا يجدن ريحها. ورجال معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس رواه أحمد ومسلم.
قوله: صنفان من أهل النار فيه ذم هذين الصنفين: قال النووي: هذا الحديث من معجزات النبوة، فقد وقع هذان الصنفان وهما موجودان. قوله: كاسيات عاريات قيل كاسيات من نعمة الله عاريات من شكرها، وقيل معناه تستر بعض بدنها وتكشف بعضه إظهارا لجمالها ونحوه، وقيل تلبس ثوبا رقيقا يصف لون بدنها. قوله: مائلات أي عن طاعة الله وما يلزمهن حفظه، مميلات أي يعلمن غيرهن فعلهن المذموم وقيل مائلات بمشيهن متبخترات مميلات لأكتافهن. وقيل المائلات بمشطهن مشطة البغايا المميلات بمشطهن غيرهن تلك المشطة.
قوله: على رؤوسهن أمثال أسنمة البخت أي يكر من شعورهن ويعظمنها بلف عمامة أو عصابة أو نحوها. والبخت بضم الباء الموحدة وسكون الخاء المعجمة والتاء المثناة الإبل الخراسانية.
(والحديث) ساقه المصنف للاستدلال به على كراهة لبس المرأة ما يحكى بدنها وهو أحد التفاسير كما تقدم، والاخبار بأن من فعل ذلك من أهل النار وأنه لا يجد ريح الجنة مع أن ريحها يوجد من مسيرة خمسمائة عام، وعيد شديد يدل على تحريم ما اشتمل عليه الحديث من صفات هذين الصنفين.