على أن المقتول عمدا إذا كان له بنون بالغون فعفا أحدهم أن القصاص قد بطل ووجبت الدية. واختلفوا في اختلاف البنات مع البنين في العفو أو القصاص. وكذلك الزوجة أو الزوج والأخوات، فقال مالك: ليس للبنات ولا الأخوات قول مع البنين والاخوة في القصاص أو ضده، ولا يعتبر قولهن مع الرجال، وكذلك الامر في الزوجة والزوج، وقال * (فهو كفارة له) * قيل على القاتل لمن رأى له توبة، وقيل على المقتول من ذنوبه وخطاياه. وأما اختلافهم في عفو المقتول خطأ عن الدية فقال مالك والشافعي وأبو حنيفة، وجمهور فقهاء الأمصار: إن عفوه من ذلك في ثلثه إلا أن يجيزه الورثة، وقال قوم: يجوز في جميع ماله. وممن قال به طاوس والحسن. وعمدة الجمهور: أنه واهب مالا له بعد موته فلم يجز إلا في الثلث. أصله الوصية.
وعمدة الفرقة الثانية: إذا كان له أن يعفو عن الدم فهو أحرى أن يعفو عن المال، وهذه المسألة هي أخص بكتاب الديات. واختلف العلماء إذا عفا المجروح عن الجراحات، فمات منها هل للأولياء أن يطالبوا بدمه أم لا؟ فقال مالك: لهم ذلك إلا أن يقول عفوت عن الجراحات وعما تؤول إليه. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا عفا عن الجراحة ومات فلا حق لهم. والعفو عن الجراحات عفو عن الدم. وقال قوم: بل تلزمهم الدية إذا عفا عن الجراحات مطلقا، وهؤلاء اختلفوا، فمنهم من قال: تلزم الجارح الدية كلها، واختاره المزني من أقوال الشافعي. ومنهم من قال: يلزم من الدية ما بقي منها بعد اسقاط دية الجرح الذي