حكم من قصد القتل فقتل بلا خلاف. ومن قصد ضرب رجل بعينه بآلة لا تقتل غالبا كان حكمه مترددا بين العمد والخطأ وهذا في حقنا لا في حق الآمر نفسه عند الله تعالى. أما شبهه العمد فمن جهة ما قصد ضربه. وأما شبهه للخطأ فمن جهة أنه ضرب بما لا يقصد به القتل. وقد روي حديث مرفوع إلى النبي (ص) أنه قال: ألا إن قتل الخطأ شبه العمد ما كان بالسوط والعصا والحجر ديته مغلظة مائة من الإبل منها أربعون في بطونها أولادها إلا أنه حديث مضطرب عند أهل الحديث لا يثبت من جهة الاسناد فيما ذكره أبو عمر بن عبد البر، وإن كان أبو داود وغيره قد خرجه. فهذا النحو من القتل عند من لا يثبته يجب به القصاص، وعند من أثبته تجب به الدية، ولا خلاف في مذهب مالك أن الضرب يكون على وجه الغضب والنائرة يجب به القصا ص. واختلف في الذي يكون عمدا على جهة اللعب، أو على جهة الأدب لمن أبيح له الأدب. وأما الشرط الذي يجب به القصاص في المقتول، فهو أن يكون مكافئا لدم القاتل. والذي به تختلف النفوس هو الاسلام والكفر والحرية والعبودية والذكورية والأنوثية والواحد والكثير.
واتفقوا على أن المقتول إذا كان مكافئا للقاتل في هذه الأربعة أنه يجب القصاص.
واختلفوا في هذه الأربعة إذا لم تجتمع، أم الحر إذا قتل العبد عمدا، فإن العلماء اختلفوا فيه، فقال مالك والشافعي والليث وأحمد وأبو ثور: لا يقتل الحر بالعبد، وقال أبو حنيفة وأصحابه: يقتل الحر بالعبد إلا عبد نفسه، وقال قوم: يقتل الحر بالعبد سواء أكان عبد القاتل أو عبد غير القاتل وبه قال النخعي فمن قال لا يقتل الحر بالعبد احتج بدليل الخطاب المفهوم من قوله تعالى: * (كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد) * ومن قال: بقتل الحر بالعبد احتج بقوله عليه الصلاة والسلام:
المسلمون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على من سواهم فسبب الخلاف: معارضة العموم لدليل الخطاب، ومن فرق فضعيف. ولا خلاف بينهم أن العبد يقتل بالحر، وكذلك الأنقص بالأعلى. ومن الحجة أيضا لمن قال: يقتل الحر بالعبد ما رواه الحسن عن سمرة أن النبي (ص) قال: من قتل عبده قتلناه به ومن طريق المعنى قالوا: ولما كان قتله محرما كقتل الحر، وجب أن يكون القصاص فيه كالقصاص في الحر. وأما قتل المؤمن بالكافر الذمي، فاختلف العلماء في ذلك على ثلاثة أقوال: فقال قو: لا يقتل مؤمن بكافر، وممن قال به الشافعي والثوري وأحمد وداود وجماعة. وقال قوم: يقتل به، وممن قال بذلك أبو حنيفة وأصحابه وابن أبي ليلى. وقال مالك والليث: لا يقتل به إلا أن يقتله غيلة، وقتل الغيلة أن يضجعه فيذبحه وبخاصة على