يوسف ومحمد بن الحسن أنه لا يجوز بيع المكاتب لأم ولده، ويجوز عند أبي حنيفة والشافعي. واختلف أصحاب مالك في أم ولد المكاتب إذا مات المكاتب وترك بنين ووفاه كتابته، هل تعتق أم ولده أم لا؟ فقال ابن القاسم: إذا كان معها ولد عتقت وإلا رقت، وقال أشهب: تعتق على كل حال، وعلى أصل الشافعي كل ما ترك المكاتب مال من مال سيده لا ينتفع به البنون في أداء ما عليه من كتابته، كانوا معه في عقد الكتابة أو كانوا ولدوا في الكتابة، وإنما عليهم السعي، وعلى أصل أبي حنيفة يكون حرا ولا بد، ومذهب ابن القاسم كأنه استحسان.
الجنس الرابع وهو النظر فيمن يدخل معه في عقد الكتابة ومن لا يدخل. واتفقوا من هذا الباب على أولد المكاتب لا يدخل في كتابة المكاتب إلا بالشرط، لأنه عبد آخر لسيده، وكذلك اتفقوا على دخول ما ولد له في الكتابة فيها، واختلفوا في أم الولد على ما تقدم. وكذلك اختلفوا في دخول ماله أيضا بمطلق العقد، فقال مالك: يدخل ماله في الكتابة، وقال الشافعي وأبو حنيفة: لا يدخل، وقال الأوزاعي: يدخل بالشرط، أعني إذا اشترطه المكاتب. وهذه المسألة مبنية على:
هل يملك العبد أو لا يملك، وعلى هل يتبعه ماله في العتق أم لا؟ وقد تقدم ذلك.
الجنس الخامس وهو النظر فيما يحجر فيه على المكاتب مما لا يحجر، وما بقي من أحكام العبد فيه.
فنقول: إنه قد أجمع العلماء من هذا الباب على أنه ليس للمكاتب أن يهب من ماله شيئا له قدر ولا يعتق ولا يتصدق بغير إذن سيده، فإنه محجور عليه في هذه الأمور وأشباهها، أعني أنه ليس له أن يخرج من يده شيئا من غير عوض، واختلفوا من هذا الباب في فروع منها أنه إذا لم يعلم السيد بهبته أو بعتقه إلا بعد أداء كتابته، فقال مالك وجماعة من العلماء إن ذلك نافذ، ومنعه بعضهم. وعمدة من منعه أن ذلك وقع في حالة لا يجوز وقوعه فيها فكان فاسدا. وعمدة من أجازه أن السبب المانع من ذلك قد ارتفع وهو مخافة أن يعجز العبد. وسبب اختلافهم: هل إذن السيد من شرط لزوم العقد أو من شرط صحته؟
فمن قال من شرط الصحة لم يجزه وإن عتق، ومن قال من شرط لزومه قال يجوز إذا عتق لأنه وقع عقدا صحيحا، فلما ارتفع الاذن المرتقب فيه صح العقد كما لو أذن. هذا كله عند من أجاز عتقه إذا أذن السيد، فإن الناس اختلفوا أيضا في ذلك بعد اتفاقهم على أنه لا يجوز عتقه إذا لم يأذن السيد، فقال قوم: ذلك جائز، وقال قوم: لا يجوز، وبه قال أبو حنيفة، وبالجواز قال مالك، وعن الشافعي في ذلك القولان جميعا: والذين أجازوا ذلك اختلفوا في ولاء المعتق لمن يكون، فقال مالك: إن مات المكاتب قبل أن يعتق كان ولاء