عن الحسن عن سمرة أن النبي (ص) قال: من ملك ذا رحم محرم فهو حر وكأن هذا الحديث لم يصح عند مالك والشافعي، وقاس مالك الاخوة على الأبناء والآباء، ولم يلحقهم بهم الشافعي واعتمد الحديث المتقدم فقط، وقاس الأبناء على الآباء. وقد رامت المالكية أن تحتج لمذهبها بأن البنوة صفة هي ضد العبودية، وأنه ليس تجتمع معها لقوله تعالى: * (وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا. إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا) *. وهذه العبودية هي معنى غير العبودية التي يحتجون بها، فإن هذه العبودية معقولة وبنوة معقولة. والعبودية التي بين المخلوقين وللولاية هي عبودية بالشرع ولا بالطبع أعني بالوضع لا مجال للعقل كما يقولون فيها عندهم، وهو احتجاج ضعيف. وإنما أراد الله تعالى أن البنوة تساوي الأبوة في جنس الوجود أو في نوعه أعني أن الموجودين اللذين أحدهما أب والآخر ابن هما متقاربان جدا، حتى أنهما إما أن يكونا من نوع واحد أو جنس واحد، وما دون الله من الموجودات فليس يجتمع معه سبحانه في جنس قريب ولا بعيد، بل التفاوت بينهما غاية التفاوت، فلم يصح أن يكون في الموجودات التي ههنا شئ نسبته إليه نسبة الأب إلى الابن، بل إن كان نسبة الموجودات إليه نسبة العبد إلى السيد كان أقرب إلى حقيقة الامر من نسبة الابن إلى الأب لان التباعد الذي بين السيد والعبد في المرتبة أشد من التباعد الذي بين الأب والابن، وعلى الحقيقة فلا شبه بين النسبتين، لكن لما لم يكن في الموجودات نسبة أشد تباعدا من هذه النسبة، أعني تباعد طرفيهما في الشرف والخسة ضرب المثال بها، أعني نسبة العبد للسيد، ومن لحظ المحبة التي بين الأب والابن والرحمة والرأفة والشفقة أجاز أن يقول في الناس إنهم أبناء الله على ظاهر شريعة عيسى. فهذه جملة المسائل المشهورة التي تتعلق بالعتق الذي يدخل على الانسان بغير اختياره. وقد اختلفوا من أحكام العتق في مسألة مشهورة تتعلق بالسماع، وذلك أن الفقهاء اختلفوا فيمن أعتق عبيدا له في مرضه أو بعد موته ولا مال له غيرهم، فقال مالك والشافعي وأصحابهما وأحمد وجماعة: إذا أعتق في مرضه ولا مال له سواهم قسموا ثلاثة أجزاء وعتق منهم جزء بالقرعة بعد موته، وكذلك الحكم في الوصية بعتقهم. وخالف أشهب وأصبغ مالكا في العتق المبتل في المرض، فقالا جميعا: إنما القرعة في الوصية. وأما حكم العتق المبتل فهو كحكم المدبر. ولا خلاف في مذهب مالك أن المدبرين في كلمة واحدة إذا ضاق عنهم الثلث أنه يعتق من كل واحد منهم بقدر حظه من الثلث. وقال أبو حنيفة وأصحابه في العتق المبتل: إذا ضاق عنه الثلث أنه يعتق من كل واحد منه ثلثه.
وقال الغير: بل يعتق من الجميع ثلثه. فقوم من هؤلاء اعتبروا في ثلث الجميع القيمة،