وهو أن يعتق على السيد من لا يجوز له بالشريعة ملكه وجب أن يكون العتق بالسعي كذلك. فالذي بالاختيار منه هو الكتابة والذي هو داخل بغير اختيار هو السعي. واختلف مالك والشافعي في أحد قوليه إذا كان المعتق موسرا هل يعتق عليه نصيب شريكه بالحكم أو بالسراية؟ أعني أنه يسري وجوب عتقه عليه بنفس العتق؟ فقالت الشافعية: يعتق بالسراية، وقالت المالكية بالحكم، واحتجت المالكية بأنه لو كان واجبا بالسراية لسرى مع العدم واليسر. واحتجت الشافعية باللازم عن مفهوم قوله عليه الصلاة والسلام: قوم عليه قيمة العدل فقالوا: ما يجب تقويمه فإنما يجب بعد إتلافه فإذن بنفس العتق أتلف حظ صاحبه فوجب عليه تقويمه في وقت الاتلاف، وإن لم يكن عليه بذلك حاكم، وعلى هذا فليس للشريك أن يعتق نصيبه، لأنه قد نفذ العتق وهذا بين. وقول أبي حنيفة في هذه المسألة مخالف لظاهر الحديثين، وقد روي فيها خلاف شاذ، فقيل عن ابن جبرين أنه جعل حصة الشريك في بيت المال، وقيل عن ربيعة فيمن أعتق نصيبا له في عبد أن العتق باطل.
وقال قوم: لا يقوم على المعسر الكل، وينفذ العتق فيما أعتق، وقال قوم بوجوب التقويم على المعتق موسرا أو معسرا ويتبعه شريكه، وسقط العسر في بعض الروايات في حديث ابن عمر، وهذا كله خلاف الأحاديث، ولعلهم لم تبلغهم الأحاديث. واختلف قول مالك من هذا في فرع وهو إذا كان معسرا فأخر الحكم عليه بإسقاط التقويم حتى أيسر، فقيل يقوم، وقيل لا يقوم. واتفق القائلون بهذه الآثار على أن من ملك باختياره شقصا يعتق عليه من عبد: أنه يعتق عليه الباقي أن كان موسرا إلا إذا ملكه بوجه لا اختيار له فيه، وهو إن يملكه بميراث - فقال قوم، يعتق عليه في حال اليسر - وقال قوم: لا يعتق عليه، وقال قوم: في حال اليسر بالسعاية، وقال قوم: لا. وإذا ملك السيد جميع العبد فأعتق بعضه، فجمهور علماء الحجاز والعراق مالك والشافعي والثوري والأوزاعي وأحمد وابن أبي ليلى ومحمد بن الحسن وأبو يوسف يقولون: يعتق عليه كله، وقال أبو حنيفة وأهل الظاهر:
يعتق منه ذلك القدر الذي عتق ويسعى العبد في الباقي وهو قول طاوس وحماد. وعمدة استدلال الجمهور أنه لما ثبت السنة في إعتاق نصيب الغير على الغير لحرمة العتق كان أحرى أن يجب ذلك عليه في ملكه. وعمدة أبي حنيفة أن سبب وجوب العتق على المبعض للعتق هو الضرر الداخل على شريكه، فإذا كان ذلك كله ملكا له لم يكن هنالك ضرر. فسبب الاختلاف: من طريق المعنى هل علة هذا الحكم حرمة العتق، أعني أنه لا يقع فيه تبعيض، أو مضرة الشريك؟. واحتجت الحنفية بما رواه إسماعيل بن أمية عن أبيه عن جده أنه أعتق نصف عبده، فلم ينكر رسول الله (ص) عتقه. ومن عمدة الجمهور ما رواه النسائي وأبو داود عن أبي المليح عن أبيه: أن رجلا من هذيل أعتق شقصا له من مملوك فتمم النبي عليه الصلاة والسلام عتقه وقال: ليس لله شريك وعلى هذا فقد نص على