حسن مسند أخذ به جماعة من أهل الحديث وأهل الظاهر، رواه الثوري عن صالح بن حي عن الشعبي عن زيد بن أرقم قال: كان علي باليمن فأتي بامرأة وطئها ثلاثة أناس في طهر واحد، فسأل كل واحد منهم أن يقر لصاحبه بالولد فأبى، فأقرع بينهم وقضى بالولد للذي أصابته القرعة وجعل عليه ثلثي الدية، فرفع ذلك إلى النبي (ص) فأعجبه وضحك حتى بدت نواجذه وفي هذا القول إنفاذ الحكم بالقافة وإلحاق الولد بالقرعة.
واختلفوا في ميراث القاتل على أربعة أقوال: فقال قوم: لا يرث القاتل أصلا من قتله.
وقال آخرون: يرث القاتل وهم الأقل. وفرق قوم بين الخطأ والعمد فقالوا: لا يرث في العمد شيئا ويرث في الخطأ إلا من الدية، وهو قول مالك وأصحابه. وفرق قوم بين أن يكون في العمد قتل بأمر واجب أو بغير واجب، مثل أن يكون من له إقامة الحدود، وبالجملة بين أن يكون ممن يتهم أو لا يتهم. وسبب الخلاف: معارضة أصل الشرع في هذا المعنى للنظر المصلحي، وذلك أن النظر المصلحي يقتضي أن لا يرث لئلا يتذرع الناس من المواريث إلى القتل، واتباع الظاهر، والتعبد يوجب أن لا يلتفت إلى ذلك، فإنه لو كان ذلك مما قصد لالتفت إليه الشارع * (وما كان ربك نسيا) كما تقول الظاهرية. واختلفوا في الوارث الذي ليس بمسلم يسلم بعد موت مورثه المسلم وقبل قسم الميراث، كذلك إن كان مورثه على غير دين الاسلام، فقال الجمهور: إنما يعتبر في ذلك وقت الموت، فإن كان اليوم الذي مات فيه المسلم وارثه ليس بمسلم لم يرثه أصلا سواء قبل قسم الميراث أو بعده، وكذلك إن كان مورثه على غير دين الاسلام وكان الوارث يوم مات غير مسلم ورثه ضرورة سواء أكان إسلامه قبل القسم أو بعده. وقالت طائفة منهم الحسن وقتادة وجماعة: المعتبر في ذلك يوم القسم، وروي ذلك عن عمر بن الخطاب. وعمدة كلا الفريقين قوله (ص):
أيما دار أو أرض قسمت في الجاهلية فهي على قسم الجاهلية، وأيما دار أو أرض أدركها الاسلام ولم تقسم فهي على ما قسم الاسلام فمن اعتبر وقت القسمة حكم للمقسوم في ذلك الوقت بحكم الاسلام ومن اعتبر وجوب القسمة حكم في وقت الموت للمقسوم بحكم الاسلام. وروي من حديث عطاء: أن رجلا أسلم على ميراث على عهد رسول الله (ص) قبل أن يقسم، فأعطاه رسول الله (ص) نصيبه، وكذلك الحكم عندهم فيمن أعتق من الورثة بعد الموت وقبل القسمة. فهذه هي المسائل المشهورة التي تتعلق بهذا الكتاب.
قال القاضي: ولما كان الميراث إنما يكون بأحد ثلاثة أسباب: إما بنسب، أو صهر،