أحد من خلفائه والاقتداء بهم أولى، (ويستعين بالله ويتوكل عليه ويدعوه سرا أن يعصمه من الزلل ويوفقه للصواب ولما يرضيه) من القول والعمل لأن ذلك مطلوب مطلقا ففي وقت الحاجة أولى والقاضي أشد الناس إليه حاجة (ويجعل) القاضي (مجلسه في مكان فسيح كجامع ويصونه) أي المسجد (عما يكره فيه) من لغط ونحوه (أو) يجلس في (فضاء واسع أو دار واسعة في وسط البلد إن أمكن) ليكون ذلك أوسع على الخصوم وأقرب إلى العدل.
(ولا يكره القضاء في الجوامع والمساجد) لحديث كعب بن مالك متفق عليه، وروى عن عمر وعثمان وعلي. أنهم كانوا يقضون في المسجد وقال مالك: هو السنة والقضاء فيه من أمر الناس والقديم. فإن اتفق لاحد من الخصوم مانع من الدخول كحيض وكفر وكل وكيلا وينتظر حتى يخرج فيحاكم إليه. (ولا يتخذ) القاضي (في مجلس الحكم حاجبا ولا بوابا ندبا بلا عذر) لقول النبي (ص): ما من إمام أو وال يغلق بابه دون ذوي الحاجة والخلة والمسكنة إلا أغلق الله أبواب السماء دون حاجته وخلته ومسكنته. أسناده ثقات رواه أحمد والترمذي وقال غريب، ولان الحاجب ربما قدم المتأخر وأخر المتقدم لغرض له.
(وفي الأحكام السلطانية: ليس له تأخير الخصومة إذا تنازعوا إليه بلا عذر) لما فيه من الضرر (ولا له) أي القاضي (أن يحتجب إلا في أوقات الاستراحة) لأنها ليست وقتا للحكومة (ويعرض القصص) ليقضي حوائج أصحابها (فيبدأ بالأول فالأول) كما لو سبقوا إلى مباح (ويكون له من يرتب الناس إذا كثروا فيكتب الأول فالأول) ليعلم السابق (ويجب تقديم السابق على غيره) كالسبق إلى المباح (فإذا حكم بينه وبين خصمه فقال لي دعوى أخرى لم تسمع منه، ويقول له: اجلس إذا لم يبق أحد من الحاضرين نظرت في دعواك