والأصل عدمه، والعلم يحصل بالنظر واحتمال الخطأ لعدم تمام مراعاة القانون الصحيح ولان الله تعالى ذم التقليد بقوله تعالى: * (إنا وجدنا آباءنا على أمة) *. وهي فيما يطلب للعلم فلا يلزم في الفروع قال في شرح المنتهى (ولزوم التمذهب بمذهب وامتناع الانتقال إلى غيره الأشهر عدمه). قال الشيخ تقي الدين: العامي عليه أن يلتزم مذهبا معينا يأخذ بعزائمه ورخصه وفيه وجهان لأصحاب أحمد وهما وجهان لأصحاب الشافعي، والجمهور من هؤلاء، وهؤلاء لا يحبون ذلك والذين يوجبون يقولون: إذا التزمه لم يكن له أن يخرج عنه ما دام ملتزما له، أو ما لم يتبين له أن غيره أولى بالالتزام منه، ولا ريب أن التزام المذاهب والخروج عنها إن كان لغير أمر ديني مثل أن يلتمس مذهبا لحصول غرض دنيوي من مال أو جاه ونحو ذلك فهذا مما لا يحمد عليه بل يذم عليه في نفس الامر، ولو كان ما انتقل إليه خيرا مما انتقل عنه وهو بمنزلة من يسلم ولا يسلم إلا لغرض دنيوي أو يهاجر من مكة إلى المدينة لامرأة يتزوجها ودنيا يصيبها. وأما إن كان انتقاله من مذهب إلى مذهب لأمر ديني فهو مثاب على ذلك، بل واجب على كل أحد إذا تبين له حكم الله ورسوله في أمر أن لا يعدل عنه ولا يتبع أحدا في مخالفة الله تعالى ورسوله. فإن الله تعالى فرض طاعته وطاعة رسوله على كل أحد في كل حال انتهى، وفي الرعاية: من التزم مذهبا أنكر عليه مخالفته بلا دليل ولا تقليد سائغ ولا عذر، ومراده بقوله:
بلا دليل، إذا كان من أهل الاجتهاد. وقوله: ولا تقليد، سائغ أي لعالم أفتاه إذا لم يكن أهلا للاجتهاد. وقوله: ولا عذر، أي يبيح له ما فعله فينكر عليه حينئذ: لأنه يكون متبعا لهواه.
وقال في موضع آخر: يلزم كل مقلد أن يلتزم بمذهب معين في الأشهر ولا يقلد غيره.
وقيل: بلى، وقيل: ضرورة (ولا يجوز له) أي للمفتي (ولا لغيره تتبع الحيل المحرمة والمكروهة، ولا تتبع الرخص لمن أراد نفعه فإن تتبع ذلك) أي الحيل المكروهة والمحرمة والرخص (فسق وحرم استفتاؤه وإن حسن قصده) أي لمفتي (في حيلة جائزة لا شبهة فيها ولا مفسدة لتخلص المستفتي بها من حرج جاز، كما أرشد النبي (ص) بلالا رضي الله عنه إلى