فإن لم يقل: وقبضته له لم يكف على ظاهر رواية حرب، لتغاير القبضين، فلا بد من تمييز لأن اليد التي لجهة المتهب هنا هي نفس يد الواهب. فلا يؤمن أن يدعيه في ثاني الحال أو يدعيه الورثة تركة فيذهب على الطفل (ولا يحتاج) أب وهب طفله (إلى قبول) (1) للاستغناء عنه بقرائن الأحوال (ولا يصح قبض الطفل) أي غير بالغ (ولو) كان غير البالغ (مميزا ولا قبض مجنون لأنفسهما ولا قبولهما) الهبة لانتفاء أهلية التصرف، (بل) يقبل ويقبض لهما (وليهما) لأنه المتصرف عليهما فالأب (الأمين) أي العدل ولو ظاهرا (يقوم مقامهما) (2) في ذلك (ثم) عند عدمه (وصي، ثم حاكم أمين كذلك أو من يقيمونه مقامهم وعند عدمهم) أي الأولياء (يقبض له من يليه من أم وقريب وغيرها نصا) قال ابن الحكم: سئل أحمد أيعطي من الزكاة الصبي؟ قال: نعم يعطي أباه أو من يقوم بشأنه. وروى المروزي أيضا نحوه. قال الحارثي: وهو الصحيح لأنه جلب منفعة ومحل حاجة، (وتقدم آخر باب ذكر أهل الزكاة لكن يصح منهما) أي الصغير والمجنون (قبض المأكول الذي يدفع مثله للصغير) لحديث أبي هريرة: كان الناس إذا رأوا أول الثمار جاءوا به إلى رسول الله (ص) فإذا أخذه قال: اللهم بارك لنا في ثمرنا، يعطيه أصغر من يحضره من الولدان (3) أخرجه مسلم. (وإن كان الواهب لهما) أي للصغير والمجنون (أحد الثلاثة غير الأب بأن كان الواهب الوصي أو الحاكم (لم يتول طرفي العقد) كالبيع، (ووكل من يقبل) بخلاف الأب، لأن له أن يتولى طرفي البيع (ويقبض هو) أي الولي. قال في المغني: والصحيح عندي أن الأب وغيره في هذا سواء. لأنه عقد جار صدوره منه ومن وكيله فجاز له تولي طرفيه كالأب (4)، وفارق البيع فإنه عقد معاوضة ومرابحة فتحصل التهمة في العقد لنفسه والهبة محض مصلحة لا تهمة فيها، فجاز له تولي طرفيها كالأب. قال الحارثي: وبه أقول انتهى والسفيه فيما تقدم
(٣٦٤)