غير تخصيص، فمن خص الرجال بالميراث في بعض المواضع، فقد ترك الظاهر، فعليه الدليل، ولا دليل يقطع به على ذلك.
ولا يلزمنا مثل ذلك إذا خصصنا البنت بالميراث دون العصبة، لأن الاستواء في الدرجة مراعى مع القرابة، بدليل أن ولد الولد لا يرث مع الولد - وإن شمله اسم الرجال - إذا كان من الذكور، واسم النساء إذا كان من الإناث، وإذا ثبت ذلك وكان هو المراد بالآية، وورث المخالف العم دون العمة، مع استوائهما في الدرجة، كان ظاهر الآية حجة عليه دوننا، على أن التخصيص بالأدلة غير منكر، وإنما المنكر أن يكون ذلك بغير دليل.
فإن قالوا: نحن نخص الآية التي استدللتم بها بما رواه ابن طاووس عن أبيه عن ابن عباس عن النبي (صلى الله عليه وآله) من قوله: يقسم المال على أهل الفرائض على كتاب الله فما أبقت فلأولي ذكر قرب، ونحن نورث الأخت مع البنت بما رواه الهذيل بن شرحبيل (1) من أن أبا موسى الأشعري (2) سئل عمن ترك بنتا وبنت ابن وأختا لأب وأم، فقال: للبنت النصف وما بقي فللأخت. وبما رواه الأسود بن يزيد (3) قال: قضى فينا معاذ بن جبل على عهد رسول الله فأعطى البنت النصف والأخت النصف ولم يورث العصبة شيئا.
فالجواب إن ترك ظاهر القرآن لا يجوز بمثل هذه الأخبار، لأن أول ما فيها أن الخبر المروي عن ابن عباس لم يروه أحد من أصحاب الحديث إلا من طريق ابن طاووس، ومع هذا فهو مختلف اللفظ فروي فلأولي ذكر قرب، وروي فلأولي عصبة قرب، وروي فلأولي عصبة ذكر قرب، وروي فلأولي رجل ذكر عصبة، واختلاف لفظه مع اتحاد طريقه دليل ضعفه، على أن مذهب ابن عباس في نفي التوريث بالعصبة مشهور، وراوي الحديث إذا خالف كان قدحا في الحديث، والهذيل بن شرحبيل مجهول ضعيف.