وأيضا فدخول النقص على جميع ذوي السهام تخصيص لظواهر كثيرة من القرآن وعدول عن الحقيقة فيها إلى المجاز، ودخوله على البعض رجوع عن ظاهر واحد فكان أولى إذا ثبت أن نقص البعض أو لي ثبت أنه الذي عيناه، لأن من قال بأحد الأمرين قال بالآخر، والقول بأن المنقوص غيره مع القول بأن نقص البعض أولى خروج عن الإجماع.
والفرق بين ما نحن فيه وبين الديون على التركة، أن الغرماء مستوون في وجوب استيفاء حقوقهم منها، ولا مزية لبعضهم على بعض في ذلك، وليس كذلك مسائل العول، لأنا قد بينا أن في الورثة من لا يجوز أن ينقص عن سهمه، وفيهم من هو أو لي بالنقص من غيره، فخالف حالهم حال الغرماء.
ودعواهم على أمير المؤمنين أنه كان يقول بالعول وروايتهم عنه أنه قال بغير روية وقد سئل وهو على المنبر عن ابنتين وأبوين وزوجة صار ثمنها تسعا، غير صحيحة، لأن ابناه (عليه السلام) وشيعته أعلم بمذهبه من غيرهم، وقد نقلوا عنه خلاف ذلك، وابن عباس ما أخذ مذهبه في إبطال العول إلا عنه، وقد روى المخالف عنه أنه قال: من شاء باهلته أن الذي أحصى رمل عالج ما جعل في مال نصفا وثلثا وربعا.
ثم اعتمادهم في الرواية عن أمير المؤمنين لما ادعوه من قوله بالعول على أخبار آحاد، لا يعول على مثلها في الشرع، ثم هي موقوفة على الشعبي والنخعي والحسن بن عمارة (1)، والشعبي ولد في سنة ست وثلاثين، والنخعي ولد في سنة سبع وثلاثين، وأمير المؤمنين (عليه السلام) قتل في سنة أربعين، فلا يصح روايتهما عنه، والحسن بن عمارة مضعف عند أصحاب الحديث، ولما ولي المظالم قال سليمان بن مهران الأعمش (2): ظالم ولي المظالم.
وأما ما ادعوه من قوله (عليه السلام): صار ثمنها تسعا، فرواه سفيان عن رجل لم يسمه، والمجهول لا يعتمد بروايته، على أنه يتضمن ما لا يليق به (عليه السلام)، لأنه سئل عن ميراث المذكورين، فأجابه عن ميراث الزوجة فقط وإغفاله من عداها - وقد سئل عنه - غير جائز.