تساوي الأبوين.
وقولهم: إذا دخل على الأبوين من يستحق بعض المال، كان الباقي بعد أخذ المستحق بينهما على ما كان في الأصل، كالشريكين في المال لأحدهما ثلثه وللآخر ثلثاه، استحق عليهما بعضه، ليس بشئ لأن الشريكين قد استحق كل واحد منهما سهما معينا، فإذا استحق من المال شئ كان ما يبقى بينهما على قدر سهامهما المسماة المعينة، وليس كذلك ما نحن فيه لأنا قد بينا أن الأب لا يأخذ الثلثين بالتسمية، ولاهما سهمه الذي لا بد أن يستحقه، وإنما له الفاضل بعد ما سمى للأم، فاتفق أنه [143 / أ] الثلثان له.
وبهذا نجيب عن قولهم: إذا دخل النقص على الابن والبنت معا، لمزاحمة الزوج والزوجة، فكذلك يجب في الأبوين، لأن الله سبحانه قد صرح في الابن والبنت بأن للذكر مثل حظ الأنثيين، فوجب أن القسمة بينهما على ذلك في كل حال، ولم يصرح بأن للأب في حال الانفراد من الولد الثلثين، وإنما أخذهما اتفقا، فافترق الأمران.
فإن كان مع الأبوين أخوان، أو أربع أخوات، أو أخ وأختان لأب وأم، أو لأب، أحرار مسلمون، فالأم محجوبة عن الثلث إلى السدس (1)، وقال جميع الفقهاء: أنها تحجب بأختين أيضا. وقال ابن عباس: لا تحجب بأقل من ثلاثة إخوة.
وقالوا أيضا إنها تحجب إذا كانت الإخوة والأخوات من قبل الأم.
لنا أنه لا خلاف في صحة الحجب بمن ذكرناه وليس كذلك الحجب بمن عداهم، وقوله تعالى: {فإن كان له إخوة فلأمه السدس} (2) وإن تناول ظاهره الإخوة من الأم، فإنا عدلنا عن الظاهر للدليل (3).
وللأبوين مع الولد السدسان بينهما بالسوية، ولأحدهما السدس، واحدا كان الولد أو أكثر، ذكرا كان أو أنثى، ولد صلب كان أو غيره، إلا أنه إن كان ذكرا فله جميع الباقي بعد سهم الأبوين، وإن كان ذكرا وأنثى فللذكر مثل حظ الأنثيين، وهذا كله لا خلاف فيه، وإن كان أنثى فلها النصف والباقي رد عليها وعلى الأبوين (4)، وعند الفقهاء الباقي رد على الأب بالتعصيب ولا يرد على الأم (5).