لنا بعد إجماع الإمامية وطريقة الاحتياط ما روي عن ابن عمر وابن عباس من قولهما من وطأ قبل التحليل أفسد حجه وعليه ناقة ولا مخالف لهما.
وحكم الوطئ في الفرج بعد الوقوف بعرفة وقبل الوقوف بالمشعر عندنا حكم الوطئ قبل عرفة (1)، خلافا لأبي حنيفة فإنه قال: لم يفسد حجه وعليه بدنة (2)، لنا أنه قد ثبت وجوب الوقوف بالمشعر، وأنه ينوب في تمام الحج عن الوقوف بعرفة لمن [لم] يدركه، فكل من قال بذلك قال بفساد الحج بالجماع قبله، فالتفرقة بين الأمرين يبطلها الإجماع، وما روي من قوله (صلى الله عليه وآله) وهو بالمزدلفة: ومن وقف معنا هذا الموقف وصلى معنا هذه الصلاة وقد كان قبل ذلك وقف بعرفة ساعة من ليل أو نهار فقد تم حجه. وقوله (صلى الله عليه وآله) الحج عرفة. تعارضه ما قدمناه، ويجوز حمله على أن المراد معظم الحج عرفة، وقوله: (فقد تم حجه) [71 / ب] على أن المراد قارب التمام كما حملنا كلنا على ذلك قوله (عليه السلام): إذا رفع الإمام رأسه من السجدة الأخيرة فقد تم صلاته.
وفي الوطئ بعد الوقوف بالمشعر وقبل التحلل بدنة، ولا يفسد الحج (3)، وقال الشافعي: إن وطأ بعد الوقوف بعرفة قبل التحلل أفسد حجه وعليه بدنة، مثل الوطئ قبل الوقوف. وقال أبو حنيفة: لا يفسد حجه الواطئ بعد الوقوف بعرفة وعليه بدنة (4).
لنا أن إفساد الحج يفتقر إلى دليل، وليس في الشرع ما يدل عليه.
فأما وطأ المرأة في دبرها، وإتيان الغلام والبهيمة، فلا خلاف بين أصحابنا أنه فيه بدنة، واختلفوا في أنه هل يفسد الحج إذا وقع قبل عرفة أو قبل المشعر الحرام أم لا فمن قال:
يفسد (5) - وبه قال الشافعي وأبو حنيفة في الروايتين عنه (6) - دليله طريقة الاحتياط، ومن قال: لا يفسد دليله أن الأصل الصحة وبراءة الذمة من القضاء (7).
وإذا وطأ المحرم ناسيا، لا يفسد حجه. وفاقا للشافعي في أحد قوليه، وقال أبو حنيفة:
يفسد حجه (8).