وأما صحيحة حريز الدالة على أن حد البعد ثمانية عشر ميلا فلا عامل بها (1)،
____________________
(1) فيه أن طرح هذه الصحيحة وعدم العمل بها ليس من جهة عدم عمل الأصحاب بها، لما ذكرناه في علم الأصول من أن عدم عمل الأصحاب برواية معتبرة واعراضهم عنها لا يوجب سقوطها عن الاعتبار لا نظريا ولا تطبيقيا.
اما الأول: فلأن الحجة انما هي رواية الثقة على أساس سيرة العقلاء الجارية على العمل بها، ومن المعلوم ان اعراض الأصحاب وعدم عملهم بها لا يجعلها رواية غير ثقة حتى يوجب خروجها عن السيرة.
واما الثاني: فلأن اعراضهم انما يكون كاشفا عن عدم صدورها عن المعصومين (عليهم السلام) إذا توفر فيه أمران:
أحدهما: أن يكون هذا الإعراض من قدماء الأصحاب الذين يكون عصرهم متصلا بعصر أصحاب الأئمة (عليهم السلام) وحملة الأحاديث.
والآخر: أن لا يكون في المسألة ما يصلح أن يكون مدركا لإعراضهم عنها ومنشأ له.
فإذا توفر فيه الأمران كان كاشفا عن عدم صدورها عن المعصومين (عليهم السلام) وأنه وصل إليهم طبقة بعد طبقة ويدا بيد.
ولكن كلا الأمرين غير متوفر، اما الأمر الأول: فلأنه لا طريق لنا إلى أنهم قد أعرضوا عنها، ومجرد أن فتاويهم المنقولة كانت على خلافها لا يدل على
اما الأول: فلأن الحجة انما هي رواية الثقة على أساس سيرة العقلاء الجارية على العمل بها، ومن المعلوم ان اعراض الأصحاب وعدم عملهم بها لا يجعلها رواية غير ثقة حتى يوجب خروجها عن السيرة.
واما الثاني: فلأن اعراضهم انما يكون كاشفا عن عدم صدورها عن المعصومين (عليهم السلام) إذا توفر فيه أمران:
أحدهما: أن يكون هذا الإعراض من قدماء الأصحاب الذين يكون عصرهم متصلا بعصر أصحاب الأئمة (عليهم السلام) وحملة الأحاديث.
والآخر: أن لا يكون في المسألة ما يصلح أن يكون مدركا لإعراضهم عنها ومنشأ له.
فإذا توفر فيه الأمران كان كاشفا عن عدم صدورها عن المعصومين (عليهم السلام) وأنه وصل إليهم طبقة بعد طبقة ويدا بيد.
ولكن كلا الأمرين غير متوفر، اما الأمر الأول: فلأنه لا طريق لنا إلى أنهم قد أعرضوا عنها، ومجرد أن فتاويهم المنقولة كانت على خلافها لا يدل على