بني شيبة وعلق أيديهم على البيت ونادى مناديه: هؤلاء سراق الله، هكذا أورده شيخنا أبو جعفر الطوسي، والذي ينبغي تحصيله في ذلك أن الأصل براءة الذمة وليست الستارة في حرز والآية فمخصوصة بلا خلاف والخبر ليس فيه ما يقتضي أن القائم ع يقطعهم على أنهم سرقوا ستارة الكعبة بل لا يمتنع أنهم سرقوا من مال الكعبة الذي هو محرز تحت قفل وغلق أو يقطعهم لأمر آخر و سرقة أخرى من مال الله تعالى، وعلى هذا التحرير لا قطع على من سرق بواري المسجد إذا لم تكن محرزة بغلق أو قفل وقد ذهب شيخنا أبو جعفر إلى: أن من سرقها يجب عليه القطع، وهذه جميعها تخريجات المخالفين وفروعهم وليس لأصحابنا في ذلك نص ولا إجماع والأصل براءة الذمة وحقن الدماء.
إذا استعار انسان بيتا من آخر وجعل متاعه فيه ثم إن المعير نقب البيت وسرق المتاع وجب قطعه، إذا اكترى دارا وجعل متاعه فيها فنقب المكري وسرق المتاع فعليه القطع، إذا نقب المراح " بفتح الميم " فحلب من الغنم ما قيمته ربع دينار فأخرجه وجب قطعه، إذا سرق شيئا موقوفا مثل دفتر أو ثوب أو ما أشبههما وكان نصابا من حرز وجب عليه القطع لقوله تعالى: السارق والسارقة فاقطعوا أيديهما، ولأن الوقف ينتقل إلى ملك الموقوف عليه لأنه يضمن بالعصب. وكل عين قطع السارق بها مرة فإنه إذا سرقها مرة ثانية قطعناه حتى لو تكرر ذلك منه أربع مرات قتلناه في الرابعة.
قال شيخنا أبو جعفر في مسائل خلافه مسألة: إذا قامت عليه البينة بأنه سرق نصابا من حرز لغائب وليس للغائب وكيل يطالب بذلك لم يقطع حتى يحضر الغائب وكذلك إن قامت عليه البينة بأنه زنى بأمة غائب لم يقم عليه الحد حتى يحضر الغائب وإن أقر بالسرقة أو بالزنى أقيم عليه الحد فيهما.
قال محمد بن إدريس: أما قوله رحمه الله في عدم القطع فصحيح لأنه لا مطالب له وقد قلنا: إن القطع لا يجب إلا بعد المطالبة من المسروق منه وههنا لا مطالب له فلأجل ذلك لم يقطع لأنه حق من حقوق الآدميين فلا يقام إلا بعد مطالبتهم به على ما قدمناه، فأما إقامة حد الزنى فلا وجه لتركه بحال لأنه حق لله محض إلا أن يدعي