الباطن وقد تعذر عليه تحقيقه، فإذا قال: القذف باطل حرام، فقد أكذب نفسه وقوله: لا أعود إلى ما قلت، فهو ضد ما كان منه.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته: ومن قذف محصنا أو محصنة لم تقبل شهادته بعد ذلك إلا أن يتوب ويرجع وحد التوبة والرجوع عما قذف هو أن يكذب نفسه في ملأ من الناس في المكان الذي قذف فيه فيما قاله فإن لم يفعل ذلك لم يجز قبول شهادته بعد ذلك، إلا أنه رجع عن ذلك في مبسوطه في الجزء السادس في كتاب الشهادات فقال فصل في شهادة القاذف: إذا قذف الرجل رجلا أو امرأة فقال: زنيت أو أنت زان، لم يخلو من أحد أمرين: إما أن يحقق قذفته أو لا يحققه.
فإن حققه نظرت، فإن كان المقذوف أجنبيا حققه بأحد أمرين: إما أن يقيم البينة أنه زنى أو يعترف المقذوف بالزنى، فإن كان المقذوف زوجته فإنه تحقق قذفه بأحد ثلاثة أشياء: البينة أو اعترافها أو اللعان، فمتى حقق قذفه وجب على المقذوف الحد وبان أنه لم يكن قاذفا ولا حد عليه ولا ترد شهادته ولا يفسق.
وأما إن لم يحقق قذفه فقد تعلق بقذفه ثلاثة أحكام: وجوب الجلد ورد الشهادة والتفسيق، لقوله: والذين يرمون المحصنات، إلى قوله: وأولئك هم الفاسقون، فإن تاب القاذف لم يسقط الجلد بالتوبة وزال فسقه بمجرد التوبة بلا خلاف وهل تسقط شهادته أبدا فلا تقبل أم لا؟ فعندنا وعند جماعة لا تسقط بل تقبل بعد ذلك وعند قوم لا تقبل.
فأما كيفية التوبة فجملتها أنه إذا قذفه تعلق بقذفه ثلاثة أحكام: الجلد ورد الشهادة والفسق الذي يزول به ولايته على الأطفال والأموال وترد به شهادته، ثم لا يخلو من أحد أمرين: إما أن يحقق قذفه أو لا يحققه، فإن حقق القذف إما بالبينة أو باعتراف المقذوف إن كان غير زوجة أو بهما أو باللعان إن كان زوجة فمتى حقق القذف فلا جلد عليه وهو على العدالة والشهادة لأنه صح صدقه وثبت صحة قوله وأما المقذوف فقد ثبت زناه بالبينة أو اللعان أو الاعتراف فيقام عليه الحد، فأما إن لم يحققه فالحد واجب عليه ورد الشهادة قائم والفسق بحله والكلام بعد هذا فيما يزيل ذلك عنه أما الحد فلا يزول عنه إلا بأحد أمرين استيفاء أو إبراء.
وأما الفسق والشهادة فهما يتعلقان بالتوبة ضربان: باطنة وحكمية،