نصيبه بمقدار ما يجب فيه القطع وزائدا عليه فقد ذهب بعض أصحابنا إلى وجوب القطع عليه، أورد ذلك شيخنا أبو جعفر في نهايته والذي تقتضيه أصول مذهبنا أنه لا قطع عليه بحال إذا ادعى الاشتباه في ذلك وأنه ظن أن نصيبه يبلغ ما أخذه لأن الشبهة بلا خلاف حاصلة فيما قال وادعى ولأن الأصل ألا قطع فمن ادعاه فقد ادعى حكما شرعيا يحتاج في إثباته إلى دليل شرعي ولا دلالة ولا إجماع على هذا الموضع، وأيضا قول الرسول ع المجمع عليه: ادرؤوا الحدود بالشبهات، وهذه شبهة بلا خلاف وقد قلنا: إنه إذا أخرج المال من الحرز فأخذ وادعى أن صاحب المال أعطاه إياه درئ عنه القطع وكان على من ادعي عليه السرقة البينة بأنه سارق.
ومتى سرق من ليس بكامل العقل بأن يكون مجنونا أو صبيا لم يبلغ وإن نقب وفتح وكسر القفل لم يكن عليه القطع، وقد روي: أنه إن كان صبيا عفي عنه أول مرة فإن عاد أدب فإن عاد ثالثة حكت أصابعه حتى تدمى فإن عاد قطعت أنامله فإن عاد بعد ذلك قطع أسفل من ذلك كما يقطع الرجل سواء.
ويثبت وجوب القطع بقيام البينة على السارق وهي شهادة نفسين عدلين يشهدان عليه بالسرقة، فإن لم تقم بينة وأقر السارق على نفسه مرتين بالسرقة كان عليه أيضا القطع اللهم إلا أن يكون عبدا فإنه لا يقبل إقراره على نفسه بالسرقة ولا بالقتل لأن إقراره على نفسه إقرار على مال الغير ليتلفه والإنسان لا يقبل إقراره في مال غيره، فإن قامت عليه البينة بالسرقة قطع كما يقطع الحر سواء، فأما حكم الذمي فحكم المسلم سواء إذا كان حرا في وجوب القطع عليه إذا ثبت أنه سارق إما بالبينة أو إقراره، وحكم المرأة في جميع ذلك حكم الرجل سواء في وجوب القطع عليها إذا سرقت.
فأما إذا شهد شاهد واحد بالسرقة فلا يجب القطع بل يجب رد المال إذا حلف الخصم مع شاهده لأن الشاهد الواحد ويمين المدعي يثبت المال عندنا أو المقصود منه المال وهكذا الحكم إذا أقر مرة واحدة.