النصاب لم يخل من أحد أمرين: إما أن يعترف أو ينكر، فإن اعترف المدعى عليه بذلك مرتين عندنا ثبت إقراره وقطع وعند قوم لو أقر مرة ثبت وقطع ومتى رجع عن اعترافه سقط برجوعه عندهم إلا ابن أبي ليلى فإنه قال: لا يسقط برجوعه، وهو الذي يقتضيه مذهبنا وحمله على الزنى قياس لا نقول به، هذا آخر كلامه رحمه الله في مبسوطه وهو الصحيح الذي لا يجوز العدول عنه لأن فيه الحجة وإنما شيخنا يورد في نهايته أخبار آحاد إيرادا لا اعتقادا على ما كررنا القول في ذلك واعتذرنا له فيما يورده في نهايته فإذا حقق النظر تركها وراء ظهره وأفتى بما تقتضيه الأدلة وأصول المذهب على ما قاله ههنا أعني مبسوطه رحمه الله.
فإن سرق انسان شيئا من كم غيره أو جيبه وكانا باطنين وجب عليه القطع على ما رواه أصحابنا فإن كانا ظاهرين لم يجب عليه القطع وكان عليه التأديب والعقوبة بما يردعه عن مواقعة مثله في مستقبل الأوقات، ومن سرق حيوانا يجوز تملكه ويكون قيمته ربع دينار فصاعدا وجب عليه القطع كما يجب في سائر الأموال على ما قدمناه.
إذا سرق نفسان فصاعدا ربع دينار أو ما قيمته ربع دينار سواء كان من الأشياء الخفيفة أو الثقيلة لا يجب عليهم القطع على الأظهر من أقوال أصحابنا لأنه قد نقص عن مقدار ما يجب فيه القطع في حق كل واحد منهم، فأما إن انفرد كل واحد منهم ببعضه لم يجب عليه القطع بلا خلاف عندنا ههنا لأنه قد نقص عن مقدار ما يجب فيه القطع وكان عليهم التعزير.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته: وإذا سرق نفسان فصاعدا ما قيمته ربع دينار وجب عليهما القطع، إلا أنه رجع عن ذلك في مسائل خلافه فقال مسألة: إذا نقب ثلاثة ودخلوا وأخرجوا بأجمعهم فبلغ نصيب كل واحد منهم نصابا قطعناهم بلا خلاف وإن كان أقل من نصاب فلا قطع سواء كانت السرقة ثقيلة أو خفيفة وبه قال أبو حنيفة وأصحابه الشافعي، وقال مالك: إن كانت السرقة ثقيلة فبلغت قيمة نصاب قطعناهم كلهم وإن كانت خفيفة ففيه روايتان: إحديهما كقولنا والثانية كقوله في الثقيلة، وروى أصحابنا: أنه إذا بلغت السرقة نصابا وأخرجوها