فأما التلوط بالإيقاب بلا خلاف فيه بين أصحابنا أن حده ما ذكرناه سواء كان الفاعل والمفعول حرا أو عبدا مسلما أو كافرا محصنا أو غير محصن وعلى كل حال بعد أن يكون عاقلا.
وإذا تلوط رجل عاقل بصبي لم يبلغ كان عليه الحد كاملا وعلى الصبي التأديب فإن كان الصبي هو الفاعل بالرجل كان على الصبي التأديب أيضا وعلى الرجل المفعول به الحد كاملا، وإذا تلوط صبي بصبي مثله أدبا جميعا ولم يجب على واحد مهما الحد، وإذا كان لرجل عبد فتلوط به كان عليه وعلى العبد جميعا الحد كاملا فإن ادعى العبد على سيده أنه أكرهه على ذلك درئ عنه الحد وأقيم على سيده لأن ههنا شبهة الرق وقد قال ع: ادرؤوا الحدود بالشبهات. فإن زنى مملوك بمولاته أقيم عليهما جميعا الحد فإن ادعى الإكراه منها له على الفعال فلا يقبل منه ولا يصدق ولا يدرأ عنه الحد لأن ما ههنا شبهة وليس هذا كالأول.
إذا تلوط عاقل بمجنون أقيم الحد عليه ولم يكن على المجنون شئ، فإن لاط مجنون بعاقل كان على العاقل الحد كاملا وليس على المجنون شئ بحال سواء كان فاعلا أو مفعولا به، وذهب بعض أصحابنا إلى: أنه إن كان المجنون فاعلا فيجب عليه الحد كاملا وإن كان مفعولا به فلا يجب عليه شئ، وهو الذي ذكره شيخنا في نهايته وليس عليه دليل من كتاب ولا سنة متواترة ولا إجماع والأصل براءة الذمة فمن علق عليها شيئا يحتاج إلى دليل، والأحكام الشرعية من الحدود وغيرها متوجه إلى العقلاء دون غيرهم من المجانين والأطفال فلا ينبغي أن نترك الأدلة القاطعة للأعذار ونرجع إلى خبر واحد أو قول مصنف قاله في كتابه وأودعه في تصنيفه ولا يحل تقليده في ذلك بحال.
وإذا لاط كافر بمسلم قتل على كل حال وإذا لاط بكافر مثله كان الإمام مخيرا بين أن يقيم الحد عليهما بما توجبه شريعة الاسلام وبين أن يدفعه إلى أهل ملته ليقيموا الحد عليه على ما يرونه عندهم.