وقال تعالى: قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم، في الآية المراد به الخمر بلا خلاف، قال الشاعر:
شربت الإثم حتى ضل عقلي كذاك الإثم تذهب بالعقول وقال تعالى: يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان... إلى آخر الآيتين، وفيهما أدلة أولها: أن الله تعالى افتتح الأشياء المحرمات فذكر الخمر والميسر وهو القمار والأنصاب وهي الأصنام والأزلام وهي القداح فلما ذكرها مع المحرمات وافتتح المحرمات بها ثبت أنها آكد المحرمات، ثم قال: رجس من عمل الشيطان، فسماها رجسا والرجس الخبيث والرجس النجس والرجس الحرام ثبت أن الكل حرام، ثم قال:
من عمل الشيطان، وعمل الشيطان حرام، ثم قال: فاجتنبوه، فأمر باجتنابه والأمر عندنا يقتضي الوجوب، ثم قال: لعلكم تفلحون، يعني باجتنابها وضد الفلاح الفساد، ثم قال: إنما يريد الشيطان أن يوقع العداوة والبغضاء في الخمر والميسر، وما يوقع العداوة حرام، ثم قال: ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة، وما يصد عنهما أو أحدهما حرام، ثم قال: فهل أنتم منتهون، وهذا نهي ومنع منها لأنه يقال: أبلغ كلمة في النهي أن يقول: أنت منته، لأنه تضمن معنى التهديد إن لم ينته عنه ففي الآية عشرة أدلة على ما ترى.
وروي عن النبي ع أنه قال: كل شراب أسكر فهو حرام، وروي عنه ع أنه قال: الخمر شر الخبائث من شربها لم يقبل الله له صلاة أربعين يوما فإن مات وهي في بطنه مات ميتة جاهلية، وروي عنه ع أنه قال:
لعن الله الخمر وعاصرها ومعتصرها وبائعها ومشتريها وحاملها والمحمولة إليه وساقيها وشاربها وآكل ثمنها.
فإذا ثبت تحريمها فمن شربها عليه الحد قليلا شرب أو كثيرا بلا خلاف، فإذا ثبت هذا فإن شرب ثم شرب فتكرر ذلك منه وكثر قبل أن يقام عليه الحد حد للكل حدا واحدا لأن حدود الله إذا توالت تداخلت، فإن شرب فحد ثم شرب فحد ثم