ومنها أن يكون مقدار المسروق ربع دينار فصاعدا أو قيمة ذلك مما يتمول عادة وشرعا سواء كان محرزا بنفسه وهو الذي إذا ترك لم يفسد كالثياب والحبوب اليابسة أو لم يكن كذلك كالفواكه واللحوم وسواء كان أصله الإباحة كالخشب والقصب والطين وما يعمل من الأواني وما يستخرج من المعادن لو لم يكن كذلك كالثياب والأثاث، ومنها أن يكون المسروق لا حظ ولا شبهة للسارق فيه، ومنها أن يكون مخرجا من حرز، وروى أصحابنا: أن الحرز في المكان هو الذي لا يجوز لغير مالكه أو مالك التصرف فيه دخوله إلا بإذن، ويدخل على جميع ذلك إجماع الطائفة والسارق هو الآخذ على جهة الاستخفاء والتفزع، وعلى هذا ليس على المنتهب والمختلس والخائن في وديعة أو عارية قطع - خلافا لأحمد - بدليل الاجماع المشار إليه وأيضا فما اعتبرناه مجمع على وجوب القطع به وليس على وجوبه بما خالفه دليل.
ويحتج على المخالف بما روي من طرقهم عن جابر من قوله ص:
ليس على المنتهب ولا على المختلس ولا على الخائن قطع، وهذا نص، ونحتج على المخالف بما اعتبرناه من النصاب بما رووه عن عائشة من قوله ع:
القطع في ربع دينار فصاعدا، وهذا أيضا نص وأيضا فالأصل براءة الذمة ومن أوجب القطع فيما نقص عما ذكرناه احتاج إلى دليل.
ونحتج على أبي حنيفة في اسقاط القطع بسرقة ما ليس بمحرز بنفسه وما كان أصله الإباحة سوى الذهب والفضة والياقوت والفيروزج فإنه لم يسقط القطع بسرقته بقوله تعالى: والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما، لأنه لم يفصل، ولا يجوز أن يخرج من ذلك إلا ما أخرجه دليل قاطع وبقوله ع: في ربع دينار، وإنما أراد ما قيمته ذلك بلا خلاف ولم يفرق.
وإذا تكاملت شروط القطع قطعت يمين السارق أول مرة، فإن سرق ثانية قطعت رجله اليسرى بلا خلاف إلا من عطاء فإنه قال: يده اليسرى، وقد روي من طرق