الثالث: وإذا سلم نصف الدار إلى المدعي فما هو حكم النصف الآخر الذي يدعي كونه للأخ الغائب؟ فيه قولان:
أحدهما: أن يكون الباقي في يد من كانت الدار في يده حتى مجئ الغائب.
وهو رأي الشيخ في المبسوط وعليه الشهيد الثاني في المسالك.
والآخر: أن ينتزع الباقي منه ويجعل في يد أمين حتى حضور الغائب.
وهو رأي الشيخ في الخلاف وهو الأقوى عند صاحب الجواهر.
وجه الأول هو: أن البينة حجة بعد دعوى صاحب المال، حيث أن الغائب غير موجود حتى يدعي، فبينة أخيه لا تثبت ملكية الغائب للنصف الآخر، فيبقى بيد من كانت الدار في يده كما كان.
ووجه الثاني هو: أن البينة حجة، ولا يتوقف استيفاء الحق على أحكم الحاكم المتوقف على حضور المدعي ودعواه، وعليه فترفع يد ذلك الانسان عن الباقي.
وقد قدمنا في محله بيان هذين القولين وإن الأقوى هو الثاني.
وقد يجعل منشأ الاختلاف صلاحية قيام أحد الوراث مقام الميت في اثبات الحق أو الملك، وعدمها بل يكون حق الدعوى لمجموع الورثة، فلو ادعى أحدهم وأقام البينة ثبت حقه دون غيره؟ فالعلامة في المختلف وكاشف اللثام على الأول، والشهيد الثاني في المسالك على الثاني.
والظاهر هو الأول، لأن هذا الأخ الحاضر يدعي الإرث ويريد اثباته، فإذا أقام بينة وأثبته فقد ثبت حقه وحق الغائب، والمفروض أن الغائب إذا حضر لا يطالب بأكثر من الإرث الذي يستحقه.
الرابع: أنه لو أبقى النصف بيد من كانت الدار في يده فهل يضمن أو لا؟
قال المحقق: لا. للأصل وغيره بعد ثبوت الانحصار بالبينة، ولا يخفى أن هذا مبني على صحة التضمين بالنسبة إلى الأعيان كالديون.