وأيضا: الشهادة على الشهادة لا تسمع في الحدود، بخلاف الشهادة على الحكم فإنها حجة فيها أيضا.
ولا تقبل الشهادة على الشهادة إلا مرة واحدة، وأما انفاذ الحكم فيستمر باستمرار الزمان، ففيما لا تكون الشهادة على الشهادة حجة لا محيص لرفع الحوائج وفصل الخصومات إلا بانفاذ الحكم.
وإذ لا يشترط في الشهادة على حكم الحاكم عدم امكان الشهادة على الأصل، فإن للحاكم الثاني استماع الشهود في القضية من جديد، وله أن يحكم استنادا إلى الشهادة على حكم الأول، كما أن له اجراء الحد استنادا إلى الشهادة على الحكم، لعدم اختصاصها بغير الحدود.
هذا توضيح ما قرره صاحب الجواهر في شرح عبارة المحقق في جواب لا يقال.
وصاحب المسالك قرره بنحو آخر وهو: أن في الشهادة على الشهادة قصورا عن الشهادة على الحكم، لأنها لا تسمع إلا مرة واحدة، بخلاف الشهادة على الحكم، فإنها تسمع في الثالثة. وتوضيح ذلك: إن الشهادة على الأصل هي المرتبة الأولى لاثبات المدعى، والمرتبة الثانية هي الشهادة على الشهادة بعد تعذر الشهادة على الأصل، وحجيتها مخصوصة بتلك المرتبة، وأما الشهادة على الحكم التي هي في المرتبة الثانية عن شهادة الأصل فلا تختص حجيتها بتلك المرتبة، بل الشهادة على الشهادة على الحكم حجة أيضا وهي المرتبة الثالثة. انتهى.
لكن هذا في الحكم الأول المستند إلى الشهادة على الأصل، وصاحب المسالك لم يتعرض للشهادة على حكم الحاكم الثاني المستند إلى الشهادة على الشهادة، والمستند إلى الشهادة على الحكم المستمر باستمرار الزمان. فظهر أن كلا التقريرين صحيح.
فالجواهر نبه على الفرق بين الشهادة على الحكم، والشهادة على الشهادة، والمسالك نبه على قصور الشهادة على الشهادة عن الشهادة على الحكم بمرتبة، لكن الأول مشتمل على فوائد أكثر.