صورة العلم بالكتابة، وكونه قاصدا لمعناها، قال: ولهذا جاز العمل بالمكاتبة في الرواية، وأخذ المسألة والعلم، والحديث من الكتاب المصحح عند الشيخ المعتمد، ولأنه قد يحصل منها ظن أقوى من الظن الحاصل من الشاهدين، بل يحصل منها الظن المتاخم للعلم، بل العلم مع الأمن من التزوير، وأنه كتب قاصدا للمدلول، وحينئذ يكون مثل الخبر المحفوف بالقرائن المفيدة للعلم بأن القاضي الفلاني الذي حكمه مقبول حكم بكذا، فإنه يجب انفاذه واجراؤه من غير توقف، ويكون ذلك مقصود ابن الجنيد، ويمكن أن لا ينازعه فيه أحد، بل يكون مقصود هم الصورة التي لم يؤمن فيها التزوير، أو لم يعلم قصد الكاتب إرادة مدلول الرسم.
وأجاب عنه في الرياض بقوله: وفيه نظر، لأن ذلك فرع قيام دليل قاطع على جواز العمل بالظن مطلقا، ولم نجده في نحو محل البحث، مما يتعلق بموضوعات الأحكام التي لم تتوقف عليها مطلقا، ولو كان الظن للعلم متاخما، ومجرد كون الظن بالكتابة أقوى من الظن الحاصل من شهادة الشاهدين لا يوجب قطعيته، ولا حجيته إلا على تقدير أن تكون حجيتها من حيث إفادتها المظنة وهو ممنوع، بل كلمة القائلين بحجيتها وسماعها هنا مطبقة على أنها من جهة الأدلة الأربعة التي سيأتي ذكرها، وهي أدلة قاطعة أو ظنية ظنا مخصوصا مجمعا عليه، ومثلها لم يقم على اعتبار ظن الكتابة، بعد امكان دفع الضرورة التي هي الأصل في تلك الأدلة، بالشهادة على الحكم وإقامة البينة وانفاذ الحاكم الثاني الحكم بها.
وعلى الجملة، لو كان السبب لاعتبار شهادة الشاهدين هو إفادتها المظنة أمكن ما ذكره، أما لو كان قضاء الضرورة وغيره مما هو كالدليل القاطع فلا وجه له ولا لقياس الكتابة بالشهادة، ولا بالاكتفاء بالرواية المكاتبة، وأخذ المسألة، ونحوهما مما ذكره، لأن مستند الاكتفاء بهذه الأمور المعدودة في نحو الأحكام الشرعية إنما هو من حيث قضاء الضرورة، وانسداد باب العلم بها بالكلية، وعدم امكان تحصيلها إلا بالمظنة، وإن عدم اعتبارها حينئذ يوجب إما الخروج عن