وأما إذا كان قد زنى في أثناء الحول كما إذا انقضى منه ستة أشهر فقط فزنى ثانيا فإنه يخرج من هذا البلد إلى بلد آخر، وهل تتداخل السنتان حينئذ بأن ينفى من هذا البلد ويمنع من الدخول فيه حولا فقط أو أنه يجب اكمال السنة الأولى أو لا ثم يبدأ في سنة أخرى لزناه الثاني؟
يمكن أن يقال بالأول وذلك لأنه بعد أن نفاه الحاكم ثانيا ففي المنفى يصدق أنه قد أخرج عن البلد الأول كما يصدق أنه قد أخرج من البلد الثاني الذي زنى فيه ثانيا فيكتفى بمضي سنة بعد ذلك خصوصا أن مبنى الحدود على درءها بالشبهات.
هذا لكن التحقيق خلاف ذلك فإن أثر الزنا هو نفي الزاني عن البلد وإذا لم يتم الحول الأول وقد زنى مرة أخرى فإنه يتم ويكمل الحول الأول ثم يشرع في الثاني فإن كل سبب يوجب ويطلب مسببا مستقلا، والتداخل يحتاج إلى الدليل.
نعم حيث إنه قد زنى هنا يجب أن يخرج من هذا المكان حتى بالنسبة إلى ما بقي من الحول الأول وعلى هذا فبحسب الظاهر لا مانع مع انقضاء ما بقي من العام الأول أن ينفى إلى بلد قد زنى فيه أولا إذا لم يكن وطنه وكذا بالنسبة إلى بلد الجلد، وعلى الجملة فيمنع من وطنه على أي حال، وأما بالنسبة إلى الزنا الثاني فإنه يمنع عن بلد الزنا والجلد الفعليين.
ومنها أنه إذا كان في نفيه فساد له في المنفى أو لعائلته في البلد فما يصنع هناك؟
أقول: إنه من باب الأهم والمهم وتزاحمهما فيلاحظ الأهم، ولا وجه لسقوط النفي من رأس، فإذا رأى الحاكم أنه يمكن حدوث قتل وقتال وإثارة الفتن بين الطوائف والقبائل مثلا بسبب نفيه عن البلد فإنه يتوقف الحاكم بنفيه إلى أن يرتفع المانع ويزول المحذور وتيسر نفيه كما أن الأمر كذلك في الحد بنفسه ولذا ترى أنه يؤخر حد المرأة الزانية إذا كانت حاملا، والحد قد يؤخر لعلل وأسباب لكنه لا يسقط، وعلى الجملة فمقتضى القاعدة هو كونه عليه،