ثانيها إن ظاهر السياق إن الإمام أبا عبد الله عليه السلام ذكر أولا الحكم الواقعي ولما رأى الراوي نسب إليه صلوات الله عليه أنه قال من قبل (من غير سوط) وأصر على ذلك فلم ير مقتضيا لبيان الحكم الواقعي فهناك قال: من غير سوط.
ثالثها إن فتوى الفقهاء من العامة هو وجوب التعزير لا الحد كما صرح بذلك الشيخ الطوسي قدس سره الشريف حيث قال:
روى أصحابنا في الرجل إذا وجد مع امرأة أجنبية يقبلها ويعانقها في فراش واحد أن عليهما مأة جلدة، وروي ذلك عن علي عليه السلام وقد روي أن عليهما أقل من الحد، وقال جميع الفقهاء عليه التعزير، دليلنا أخبار الطائفة، وقد ذكرناها، وقد روت العامة ذلك عن علي عليه السلام (1).
قوله: وقد ذكرناها الخ مراده ذكر ذلك في كتبه الروائية مثل التهذيب والاستبصار، وكيف كان فترى أنه نسب وجوب مأة جلدة إلى أصحابنا، والتعزير إلى الفقهاء أي فقهاء العامة كما هو مصطلحه.
وإذا كان فتوى العامة هو وجوب التعزير فهل يصح القول بأن افتاء الإمام عليه السلام بالمأة محمول على التقية؟ بل حمل نصوص دون الحد على التقية أولى.
هذا كله مضافا إلى أن الحمل على التقية معناه الطرح وليس هو في الحقيقة جمعا بين الروايات.
ومن وجوه الجمع ما أفاده شيخ الطائفة من حمل روايات المأة على صورة علم الإمام بوقوع الزنا قال قدس سره بعد ذكر الأخبار الدالة على وجوب المأة ومن جملتها خبر أبي الصباح الكناني المذكورة آنفا: الوجه في هذه الأخبار هو أنه إذا انضاف إلى كونهما في إزار واحد، الفعل وعلم ذلك منهما الإمام فإن حينئذ يقيم عليهما الحد كاملا (2).