والقائلون بلزوم التعزير حملوا روايات المأة على وجوه لا تنافي ذلك بناءا منهم على أن مقدمات الزنا ومناسباته لا تكون مثل الزنا نفسه.
ففي الوسائل في ذيل خبر ابن سنان ح 4: هذا محمول على الجلد دون المأة في ذيل خبر الحذاء ح 5: هذا يحتمل الحمل على أنه يجلد كل واحد منهما خمسين جلدة لوجود التصريحات الكثيرة السابقة والآتية بأنه يجلد دون الحد انتهى.
وإن كان هذا الحمل عندنا بمكان من البعد لمخالفته للظاهر شديدا.
وقد يجمع بينهما بحمل روايات المأة على التقية وجعلوا رواية عبد الرحمن بن الحجاج المتعرضة لدخول عباد البصري على الإمام الصادق عليه السلام: عن شاهدا على ذلك عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فدخل عليه عباد البصري ومعه أناس من أصحابه فقال له: حدثني عن الرجلين إذا أخذا في لحاف واحد فقال له: كان علي عليه السلام إذا أخذ الرجلين في لحاف واحد ضربهما الحد فقال له عباد: إنك قلت لي: غير سوط، فأعاد عليه ذكر الحديث الحد حتى أعاد ذلك مرارا فقال: غير سوط، فكتب القوم الحضور عند ذلك، الحديث (1).
قال في الجواهر: ولعل التأمل في الجمع بين النصوص يقتضي تعيين كونه مأة إلا سوطا خصوصا بعد اشعار صحيح الحلبي الوارد في الرجلين بأن ذكر المأة للتقية.
وفيه أن في رواية عبد الرحمن قرائن تدل على أن الحكم بالتعزير واستثناء واحد من مأة، صدر تقية.
أحدها نسبة ضرب المأة إلى أمير المؤمنين عليه السلام فإن التقية تحصل بالقاء الحكم على خلاف الواقع ولا حاجة إلى نسبة هذا الحكم إلى إمام آخر فإنه كذب وافتراء (2).