الوقت إلى أن يبقى من انتصاف الليل مقدار أداء صلاة العشاء الآخرة، فيخرج وقت المغرب، ويختص (1) ذلك المقدار للعشاء الآخرة، ويخرج وقتها بمضيه.
وأول وقت صلاة الفجر طلوع الفجر الثاني، وآخره ابتداء طلوع قرن الشمس; يدل على ذلك ما ذكرناه من الإجماع المشار إليه، وأيضا قوله تعالى: * (أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا) * (2) لأن الظاهر يقتضي أن وقت الظهر والعصر، يمتد من دلوك الشمس إلى غسق الليل، ولا يخرج من هذا الظاهر إلا ما أخرجه دليل قاطع.
ودلوك الشمس هو ميلها بالزوال إلى أن تغيب، بلا خلاف بين أهل اللغة والتفسير في ذلك، يقال: دلكت الشمس إذا مالت، ويدل على ما اخترناه أيضا قوله: * (أقم الصلاة طرفي النهار) * (3)، والمراد بذلك الفجر والعصر، وهذا يدل على أن وقت العصر ممتد إلى أن يقرب الغروب، لأن طرف الشئ ما يقرب من نهايته، وجعل المخالف آخر وقت العصر مصير ظل كل شئ مثليه، يقرب (4) من وسط النهار ولا يقرب من نهايته، وأيضا فإن الصلاة قبل وقتها لا تكون مجزئة لأنها غير شرعية.
وجواز صلاة العصر بعرفة عقيب الظهر بالاتفاق، دليل على أن ذلك هو أول وقتها، ويحتج على المخالف بما رواه ابن عباس أنه صلى الله عليه وآله وسلم جمع بين الصلاتين في الحضر لا لعذر (5)، لأنه يدل على اشتراك الوقت.