فعلم مما ذكرنا أن الموضوع له إذا كان من سنخ الكيف المسموع كان من سنخ المعنى القابل للإخبار والانشاء.
وأما حديث إنشاء اللفظ باللفظ، فنقول: ليس الانشاء إيجادا خارجيا للمعنى حتى لا يتصور ايجاد اللفظ خارجا باللفظ، بل إيجاد تنزيلي، فيقصد ثبوت المعنى باللفظ، فالموجود (1) بالذات شخص اللفظ والموجود بالعرض نفس المعنى، وإن كان من طبيعة الكيف المسموع، وكذا في سائر الطبائع فإنه يستحيل وجود طبائعها خارجا بمبدئية اللفظ، بل بمباديها الخاصة بها كما هو واضح، نعم حيث إن أثر العقد اللفظي مترتب على وجوده خارجا، فالعدول عن إيجاده بوجوده الحقيقي إلى إيجاده بوجوده التنزيلي - مع إمكان وجوده الحقيقي - لغو لا أنه محال.
وأما ما عن شيخنا الأستاذ في أصوله (2) من استحالة وضع اللفظ للفظ، وإلا لم يقبل الاشتقاق لكون المعنى جامدا لا حدثيا، فقد أوضحنا حاله في محله من ابتنائه على أن المشتق منه هو المعنى المصدري المأخوذ فيه النسبة المصدرية، وأن اللفظ المجرد عن النسبة - كأسماء الأعيان - غير قابل للاشتقاق، وذكرنا هناك أن المشتق منه هو نفس المبدء الساري في جميع المشتقات حتى المصدر، وأن المعاني تارة لها نحو من أنحاء القيام بأحد، فهي قابلة لملاحظتها معروضة للنسبة القيامية أو الصدورية، وأخرى ليس لها هذا الشأن فهي غير قابلة لملاحظتها كذلك، وأن طبيعة اللفظ من أوضح الطبايع التي لها قيام وصدور، فراجع ما حررناه في الأصول (3).
ثم إنه في قبال هذا الدعوى دعوى أن البيع وأشباهه لا بد من أن يكون من مقولة اللفظ دون المعنى، كما عن بعض الأعلام (4) ممن قارب عصرنا، بتوهم أنه لولاه للزم