الطباطبائي (قدس سره) (1) أن اللفظ من مقولة الكيف، والبيع فعل، والمقولات العشرة متبائنات، فلا يصدق بعضها على بعض، وقد عرفت (2) دفعه وهو أن البيع فعل عرفي لا فعل مقولي، مع وضوح أن التلفظ فعل عرفا، مع أن اللفظ من مقولة الكيف المسموع.
ثم إن تحقيق الحال فيما أفاده (قدس سره) من أن البيع من مقولة المعنى دون اللفظ، وإلا لم يعقل انشاؤه باللفظ يقتضي بسطا في المقال.
فنقول: هذه الدعوى منه (قدس سره) مبنية على تخيل أن اللفظ لا ثبوت له إلا الثبوت المساوق لخروجه من مقطع الفم فقط، ومثله قطعا لا يقبل الانشاء، لاستحالة صيرورة لفظ سببا لوجود لفظ آخر خارجا.
وكلا الأمرين غير وجيه، أما قصر ثبوت اللفظ على الخارجي منه، فلوضوح أن طبيعي اللفظ - الذي هو من مقولة الكيف المسموع - كسائر الطبائع المقولية وغيرها في حدود ذواتها الماهوي والمفهومية غير مرهونة بأحد النحوين من الوجودين من الذهن والعين، والوضع أيضا ليس إلا لنفس الطبيعي المعرى عن الوجودين، وكذلك الاستعمال، بداهة أن الوضع والاستعمال للانتقال إلى الموضوع له والمستعمل فيه بسماع لفظه، والانتقال وجود ادراكي، ويستحيل عروضه على الموجود بما هو موجود ذهنيا كان أو خارجيا، إذ المماثل لا يقبل المماثل، والمقابل لا يقبل المقابل.