نعم إذا كان أداء القيمة في القيميات من باب الارفاق لعدم وجود المثل لها نوعا، وإلا فللضامن أن يدفع المثل بدلا عن القيمي، فحينئذ يندرج المسألة في الشك في التعيين والتخيير، فكل على مسلكه في تلك المسألة، فإما أن نقول بأن سقوط الذمة اليقينية بأداء المعين وهو المثل يقيني وبغيره مشكوك، والأصل عدم سقوطه، أو نقول بأن ثبوت المالية مقطوع وثبوت تعينها بالمماثلة من حيث الحقيقة مشكوك وهو ضيق والناس منه في سعة، وعلى أي حال فالاحتياط هنا بدفع المثل فقط.
وعلى القول الأول وهو الدوران بين المتبائنين بدفعهما معا إلى المالك وتمكينه منهما، وحيث إن ما في الذمة إما كلي المثل أو كلي القيمة فلا محالة يصير بدفعهما إلى المالك خارجيا فتسقط الذمة، ويصير أحد المالين ملكا للمالك والآخر باق على ملك الضامن، فليس للمالك التصرف فيهما معا لأنه مستلزم للتصرف في مال الغير، ولا في أحدهما المعين حيث لا يعلم أنه ماله، فلا بد من التراضي أو المراجعة إلى الحاكم فيحكم بالصلح قهرا أو بالقرعة كما سيأتي (1) إن شاء الله تعالى.
ولا يجب على الضامن تمليكهما معا للمالك بتوهم لزوم تفريغ الذمة والقطع به، لأنه بدفعهما خارجا إلى المالك يقطع بفراغ ذمته، فليس تمليكهما معا مقدمة للتفريغ ولا للقطع به، ولا يجب عليه تمكين المالك من ماله الواصل إليه برفع الشبهة من قبله لا عقلا ولا شرعا ولا عرفا.
ولا يلزم منه ضرر على الضامن حتى يمنع من وجوب الاحتياط، إذ لا يجب عليه واقعا دفعهما ولا تمليكهما ولا يخرج كلاهما بدفعهما عن ملكه، بل الخارج عن ملكه والواجب دفعه أحدهما وليس فيه ضرر أصلا، ولو فرض ضرر - من حيث عدم تمكن الضامن من التصرف في ملكه الذي دفعه إلى المالك - فهو ضرر ناش عن قبل لزوم الاحتياط عقلا لا عن قبل الحكم الشرعي، إذ ليس ايجاب المثل أو القيمة ضررا على الفرض، وليس مقتضى الايجاب الواقعي إلا دفع متعلقه، وأما لزوم تحصيل العلم بالامتثال فليس من مقتضيات التكليف الشرعي، ولو مع الواسطة حتى يكون