المأخوذ باستيفائه أو بالاستيلاء عليه مع فواته، بل يفيد ضد المقصود، لأن المراد اثبات ضمان المنافع المستوفاة والفائتة لا عدمه بأداء طرفها.
فإن قلت: إذا أخذت العين فقد دخلت في العهدة بجميع شؤونها، وهي حيثية شخصها وحيثية طبيعتها التي لها أفراد مماثلة وحيثية ماليتها، وأدائها بجميع شؤونها بأداء نفسها الواجدة لجميع شؤونها وإذا تلفت فقد امتنع الخروج عن عهدة تشخصها، وأما عهدة طبيعتها وعهدة ماليتها فيمكن الخروج عنها، فيجب أداء مثلها فإنه أداء لطبيعتها ولماليتها، وإذا لم يكن لها مثل أو تعذر مثلها فقد امتنع الخروج عن عهدة طبيعتها، وبقي إمكان الخروج عن عهدة ماليتها فيجب بأداء قيمتها.
فللعين مراتب من العهدة وبحسبها مراتب من الأداء، وامتناع بعض المراتب لا يوجب سقوط المراتب الممكنة، ولا عدم كون العين مما له الأداء بامتناع أداء بعض مراتبها، فكذلك المنفعة إذا دخلت في العهدة فقد دخلت بجميع شؤونها، وامتناع أداء تشخصها - لكونها تدريجية غير قارة - لا يوجب امتناع أداء سائر المراتب، ولا كونها بقول مطلق مما لا أداء لها حتى لا يعمها الخبر، لكونه مغيى بأداء المأخوذ.
قلت: نعم إذا دخلت العين في العهدة فقد دخلت بجميع شؤونها في العهدة، إلا أن شؤونها متقومة بها، فتلك الحصة من الطبيعي المتقررة في مرتبة ذاتها غير الحصة الأخرى المتقررة في فرد آخر مماثل لها، وتلك الحصة من صفة المالية القائمة بها غير الحصة الأخرى من طبيعي تلك الصفة القائمة بفرد آخر، ضرورة أن الطبيعي من كل معنى موجودا بوجودات متعددة، فإذا تلفت فقد تلفت بجميع شؤونها وحيثياتها، ومن أحكام عهدة العين التالفة شرعا وعرفا أداء بدلها بطبيعتها المماثلة وبماليتها أو بالأخيرة فقط، لا أن أداء المثل والقيمة أداء نفس ما دخل في العهدة.
وعليه فلا بد أولا من شمول الخبر للمأخوذ المغيى بأداء نفسه ثم ترتيب أحكامه عليه من أداء مثله أو قيمته، فالعين حيث إنها في نفسها قابل للأداء بنفسها أمكن شمول الخبر لها، والمنافع حيث إنها غير قابلة للأداء بنفسها فلا يعمها الخبر، حتى يتنزل بعد تلفها إلى أداء بدلها.