ربما يقال: إن الاقدام إنما هو على ضمان المقبوض أو على الضمان بشرط القبض، فكما لا ضمان كذلك لا اقدام على ضمان ما لم يقبض.
وفيه: أن الاقدام المعاملي العقدي على كونه مملوكا بالعوض لا مقبوضا به ولا بشرط قبضه، والاقدام الخارجي على التقابض أجنبي عن الاقدام الذي هو محل الكلام.
والتحقيق: أن الملازمة بين الصحيح والفاسد في الضمان وعدمه بسبب الاقدام وعدمه أجنبية عن عدم ضمان المشتري، وعن ضمان البائع قبل القبض بسبب انفساخ المعاملة أو بالحكم بضمان الغرامة على البائع دون المشتري، فإن الضمان المترقب من الاقدام العقدي الصحيح كون المبيع مملوكا بالعوض، وهذا حاصل بمجرد العقد قبل التلف، وليس العقد مقتضيا لانفساخ نفسه حتى يتوهم أن عدم ضمان المشتري من ناحية الاقدام العقدي، بل الانفساخ مزيل للاقدام العقدي فلا ضمان على المشتري حيث لا اقدام بقاء لزواله شرعا، فلم يتخلف الاقدام البيعي عن ضمان المعاوضة.
وأما ضمان البائع فلأجل أن الانفساخ يوجب رجوع المبيع إليه، فلا محالة يتلف منه، لا أن الاقدام العقدي أوجب ضمانه ولو بالواسطة، وكذا إذا قلنا بأن ضمان البائع بعنوان الغرامة، وعدم ضمان المشتري بعنوان الغرامة فإنهما أجنبيان عن مقتضيات العقد الصحيح والاقدام العقدي، فإن أثر الاقدام العقدي في الصحيح ضمان المعاوضة، وهو كون كل منهما مملوكا بالعوض لا ضمان الغرامة ليقال بأن المشتري كان له الاقدام ومع ذلك لا ضمان عليه، فضمان البائع بنحو ضمان الغرامة مؤكد لتأثير الاقدام العقدي أثره حدوثا وبقاء، وعلى أي حال لم يتخلف الاقدام العقدي ما دام الموضوع عن الأثر المترقب منه، وهو ضمان المعاوضة، فزوال الموضوع شرعا ليس من تخلف الضمان عن الاقدام، كما أن عدم ضمان الغرامة لا ينافي الاقدام العقدي المؤثر في ضمان المعاوضة المترقب منه، فتدبر جيدا.