على فعل الغير، فلا يعقل اعتبار مطاوعة الرهن المتأخر فعلا بنظره، ولا مدلول الصيغة أمر آخر قابل لانشائه - كمدلول " اشتريت " - ولا هو كالقبول في البيع يكفي فيه مجرد اظهار الرضا بقبوله.
والتحقيق: أن ما أفاده على مبناه (قدس سره)، واعتبار تحقق عنوان الارتهان بقبوله وصدق عنوان المرتهن بفعله في غاية الوضوح، إلا أن الكلام في لزوم كون القبول في الرهن والقرض والهبة واقعا موقع المطاوعة، دون البيع والإجارة والعارية والوكالة وأشباهها، فإن كان من أجل عنوان الارتهان والاتهاب والاقتراض، حيث أنها عناوين مطاوعية لا معنى لانشائها إلا إيجادها ولو بنظر المنشئ، والمطاوعة لا تقبل اعتبارها فعل من الغير حتى بنظر المعتبر، فلا بد من تأخرها.
ففيه أولا: أن لازمه عدم وقوع القبول مقدما بعنوان الارتهان، لا بعنوان القبول والرضا بقوله " قبلت " و " رضيت "، لاعترافه (قدس سره) بأن الرضا والقبول يمكن تعلقهما بأمر متأخر، ولذا قلنا إن عدم جواز تقديمهما في البيع لا لوجود المانع بل لفقد المقتضي، للزوم اشتمال القبول على إنشاء نقل ماله في الحال، مع أن دعواه (قدس سره) لزوم كون القبول في الرهن واقعا موقع المطاوعة ولو كان بلفظ " قبلت " و " رضيت ".
وثانيا: قد مر مرارا (1) أن المطاوعة المأخوذة في هذه الصيغ مطاوعة مفهومية، والانشاء قصد ثبوت المعنى باللفظ ثبوتا جعليا عرضيا لا حقيقيا أو اعتباريا، فإن الانشاء من وجوه الاستعمال، وليس الاستعمال إلا جعل المعنى موجودا بالعرض بإيجاد اللفظ ذاتا، والشاهد على ما ذكرنا أن المطاوعة المفهومية في " اشتريت " و " ابتعت " و " تملكت " موجودة، ومع ذلك لا يمنع إنشائها عن التقديم، حيث لم ينشأ بقصد المطاوعة الحقيقية، بل بقصد اظهار الرضا بها فليكن هنا كذلك.
وأما إن كان من جهة لزوم تحقق عنوان المرتهن والمتهب والمقترض بانشائه ليترتب عليها أحكامها، وإنشاء القبول المحقق لهذه العناوين بنظر المنشئ محال، لعدم الفرق في الاستحالة بين إيجادها بإنشائها بمدلول الصيغة أو بغيره.