العملية في باب الإجارة - أن غاية ما يقتضيه هذا الوجه هو نفي الملكية وكونه ذا مال لا نفي المالية.
توضيح المقام: أن المالية والملكية اعتباران عقلائيان، تنتزع الأولى من الشئ بملاحظة كونه في حد ذاته مما يميل إليه النوع ويرغبون فيه ويبذلون بإزائه شيئا، فالمن من الحنطة في حد نفسه ليس كالمن من التراب مثلا، بل ينتزع عنه عنوان المالية بالاعتبارات المتقدمة، فهي وإن كانت صفة ثبوتية إلا أنها اعتبارية، وموردها ما يكون متحيثا في حد ذاته بتلك الحيثيات، غاية الأمر أن هذا الشئ الذي هو في حد ذاته مال، تارة يكون موجودا، وأخرى معدوما.
نعم فعلية البذل موقوفة على تقدير وجوده في الذمة، أو تقدير وجوده بوجود العين - كالمنفعة التي هي من حيثيات العين وشؤونها -.
وينتزع الثانية بملاحظة نحو إضافة الواجدية، إما بتبع واجديته للرقبة كعمل العبد، وإما بالأصالة كنفس الرقبة، وهذا المسمى بالمال ربما يكون له إضافة إلى أحد بإضافة الملكية أو الحقية، وربما لا يكون - كالمن من الحنطة قبل التعهد، وكالمباحات قبل الحيازة، وكعمل الحر قبل وقوع المعاوضة -، والبيع مبادلة مال بمال، لا مبادلة مال مملوك بمال مملوك، وحقيقته التمليك لا تمليك المملوك حتى يعتبر كون المملك ذا مال، وإضافة عمل الحر إليه بنحو إضافة العرض إلى موضوعه، لا بإضافة الملكية.
نعم للحر السلطنة على التعهد بعمل وتمليكه الغير، فلا يقاس البيع بالاستطاعة و الضمان، فإن الاستطاعة لا تتحقق إلا بالملكية، فلا يكون عمل الحر قبل استيفائه بما بإزائه محققا للاستطاعة، كما أنه حيث لا انتساب ملكي له إليه لا يندرج تحت عنوان من أتلف مال الغير فهو له ضامن، وحيث لا يدخل الحر تحت اليد فلا يكون عمله مأخوذا بتبعه كالعبد وعمله، حتى يندرج تحت قاعدة اليد، وأما استيفائه قهرا عليه فإنما يكون مضمنا لا لأنه مملوك للحر، بل لاحترام عمله فلا يذهب هدرا.
فتلخص مما ذكرنا: أن الاشكال في عمل الحر إن كان من جهة عدم المالية، ففيه: