فالانشاء بداعي جعل الداعي فعلا أو تركا - عن مصلحة لزومية أو غيرها أو عن مفسدة كذلك - إيجاب وتحريم واستحباب وكراهة، والانشاء بداعي إرخاء العنان والترخيص - المقابل للأبدية من فعله وتركه - إباحة.
وأما الحق فهو كالملك اعتبار معنى يترتب عليه الاسقاط أو النقل بالمعاوضة أو الإرث، فليس هو من الإباحة الشرعية التي ليست موضوعا لهذه الآثار، بل كما ينفك الملك عن جواز التصرف تكليفا ووضعا كملك القاصر، فإن جواز التصرف للمولى، والملك للمولى عليه، فلا يعقل أن يكون أحدهما عين الآخر، أو يكون الحكم منشأ لانتزاع الحق، لاستحالة قيام المنشأ بأحد وقيام الأمر الانتزاعي بالآخر مع اتحادهما في الوجود، كذلك الحق ربما يكون للمولى عليه وجواز التصرف للولي، فيعلم منه أن الحق غير الحكم من وجوه شتى.
منها: أن الحق وإن كان بحسب مفهومه اللغوي ما يساوق الثبوت، فهو تعالى حق لثبوته بأفضل أنحاء الثبوت الذي لا يشوبه بطلان، والأمر الموافق للواقع حق لثبوته واقعا، * (ويحق الله الحق) * (1) أي يثبته * (وكان حقا علينا نصر المؤمنين) * (2) أي ثابتا، إلى غير ذلك من موارد استعمالاته.
إلا أن هذا المعنى ليس قابلا لتعلق الاعتبار كقبول الملكية له، فلا معنى لاعتبار الثبوت المطلق من دون إضافته إلى شئ، واعتبار ثبوت شئ لشئ بنفسه ربما يكون لغوا، كاعتبار ثبوت الأرض المحجرة، بل لا بد من اعتبار ثبوت الأولوية بها أو السلطنة عليها باحيائها وتملكها، وكذا لا معنى لاعتبار ثبوت الفسخ في باب الخيار، فإن مرجعه إلى اعتبار كونه فاسخا، مع أن المراد اعتبار كونه مالكا لأمره ومسلطا عليه.
فمنه ومن أشباهه يعلم أن الحق مصداقا اعتبار من الاعتبارات، وبلحاظ ثبوته لمن اعتبر له يكون حقا، وبهذا النظر ربما يطلق على الملك أيضا - كما شاع في باب