كالتعاطي من غيره عهد غير مؤكد، فله حكمه، والإشارة المفهمة الرافعة للاشتباه منه عهده المؤكد، كاللفظ الرافع للاشتباه الذي يتطرق إلى الفعل نوعا عهد مؤكد من القادر، فليس مجرد كون الإشارة فعلا موجبا لكون معاملة الأخرس معاطاة دائما، أو أن فعله منزل منزلة القول من غيره دائما، بل له سنخان من العهد كما في غيره بلحاظ قوة الدلالة على مقاصده وضعفها نوعا.
وعليه فإذا كان العقد في قوله تعالى عبارة عن العهد المؤكد - كما هو مبني البحث - فهو شامل لإشارة الأخرس، فإنه العهد المؤكد من مثله، واحتمال عدم تأثيره وحصر المؤثر في عقده التسبيبي بالتوكيل بلا موجب، فهو نظير احتمال حصر التأثير في العقد التسبيبي دون المباشري من القادر.
وحيث إن العبرة في باب المعاملة بالعهد المؤكد بلحاظ مقام الاثبات، والإشارة المفهمة من الأخرس توجب تأكد عهده حقيقة، فلا مجال لتوهم تحريك لسانه نحو الألفاظ بما يناسبها كما في باب القراءة، فإن المطلوب هناك القراءة، وتحريك لسانه نحو ما يناسبها هو القدر المقدور عليه، بخلاف ما نحن فيه، فإنه لا خصوصية للفظ في مقام التسبيب إلا لتوكيد العهد، فإذا كانت الإشارة المفهمة موجبة لتأكد العهد من مثله، فلا محالة لا مجال لتوهم تحريك لسانه نحو ما يوجب توكيد العهد من غيره.
وأما التمسك بفحوى ما ورد في الطلاق، فربما يخدش فيه بما سيجئ (1) في باب الفضولي، من أن أهمية أمر الفروج ربما تقتضي التوسعة في أسبابها لئلا يقع الناس في الزنا، فلا يوجب التوسعة في غيرها بالمساواة فضلا عن الفحوى.
- قوله (رحمه الله): (فقد رجح بعض الإشارة ولعله لأنها أصرح... الخ) (2).
كما ربما يرجح الكتابة على الإشارة لأنها أضبط منها، مع أنه يمكن منع أصرحية الإشارة، لأن الكتابة تتبع اللفظ المكتوب في الصراحة والظهور، والإشارة ليست أصرح من اللفظ بعد إحراز كل ما يعتبر في باب الإفادة والاستفادة، وأما مجرد