مال بإزاء شئ فيؤثر الملكية تارة، والوقفية أخرى، والانعتاق ثالثة، والسقوط رابعة، والكل يتضمن قطع إضافة الملك عن نفسه بجعله بإزاء شئ، فالفسخ لا يستلزم رد الملك كما أن التراد ابتداء لا يتضمنه، بل رد بدل الغلة الموقوفة حيث إنه موصوف بالوقفية ليس فيه رد الملك وهكذا، بل الفسخ يستلزم رجوع العوضين إلى ما كان عليه بانحلال المقابلة التي تضمنتها المعاملة، والتراد الابتدائي اخراج طرفي المقابلة عن كونهما متقابلين فيعود كل منهما إلى ما كان عليه قبل صيرورة كل منهما في قبال الآخر.
ومن الواضح أن المعاملة لا تزول بالتصرف والتلف، ولم يخرج كل من طرفيها عن المقابلة العقدية المعاملية، فالتالف أو المنقول وإن لم يكونا على صفة الملكية للمفسوخ عليه، لئلا يعقل التراد ابتداء والفسخ بالواسطة، لكنهما على صفة المقابلة، وكون كل منهما مجعولا مقابل الآخر تقابلا معامليا، غاية الأمر أن المقابلة الحقيقية حيث إنها بلحاظ المالية، فمتى لا يمكن شرعا رجوع المال بذاته إلى ما كان عليه، لعدم عود الحر رقا، وعدم سلطنة الكافر على المسلم، أو لا يمكن عقلا لعدم اعتبار التالف للملكية، أو لعدم كون المنقول إلى الغير قابلا للفسخ بلا خيار للفاسخ فيه، فلا محالة يعود بماليته، فكأن المقابلة وقعت بين المالين بما هما مال لا بذاتهما، وحيث لا يعتبر في الفسخ والتراد إلا رجوعه بما هو مال إلى ما كان عليه بانحلال المعاملة وخروجهما عن المقابلة، فلا محالة لا يقتضي بقاء المردود بالفسخ والتراد على صفة الملكية، بل يملك أحيانا بالرد.
ومنه يظهر أن التراد لا يقتضي انفساخ المعاملة الثانية بملاحظة ترتبها على المعاملة الأولى، إذ لا يعود العوضان بذاتهما إلى المتعاطيين، بل بماليتهما المحفوظة بالبدل.
كما أنه يظهر منه إمكان التراد المعاملي بالنسبة إلى الدين كالعين، لعدم توقف الرد على سبق الملك، ليقال بسقوط ما في الذمة، بل التراد معناه إخراج الدين عن المقابلة مع العين، وأثره رجوع الأمر إلى ما كان عليه من ملك أحدهما للعين والآخر