تحقيق المقام: أن صحة المعاطاة في البيع إن كانت على القاعدة وأنها بيع فيعمها أدلة البيع، فكذا في غيره من المعاملات لعدم الفرق في صدق عناوينها بين البيع وغيره كما سيتضح إن شاء الله (1) تعالى، وإن كانت على خلاف القاعدة ومن أجل السيرة فيصح فيما قامت السيرة عليه دون غيره، والظاهر أن الهبة والإجارة والقرض والعارية والوديعة والرهن والوقف وأمثالها مما قامت السيرة على صحتها، والمعاملة مع المعاطاة معاملة الانشاء القولي فيها.
وربما يفصل بين المعاملات من العقود والايقاعات بما محصله: أن بعض عناوين المعاملات مما تدخل المعاطاة في مسماها فيصح التعاطي فيها، وما لا يدخل في مسماها فلا يصح، مثلا البيع ما يصدق على المعاطاة عرفا، واخراج الزوجة من الدار بقصد البينونة مما لا يصدق عليه الطلاق، واطلاق العبد وفكه عن الخدمة بقصد العتق لا يسمى عتقا إلى غير ذلك مما يشبه الطرفين.
وتوضيح الجواب عنه: أن ألفاظ المعاملات لغة أو عرفا ربما يدعى أنها لحقائقها أي ما هو بيع وتمليك بالحمل الشائع أو طلاق بالحمل الشائع أعني جعل الملكية أو البينونة.
وربما يدعى أنها موضوعة للأسباب أي لما يتسبب به إلى الملكية أو الزوجية والبينونة، فإن كانت موضوعة للحقائق والمسببات فمن الواضح أن السبب قوليا كان أو فعليا غير مقوم للمسبب ولا داخل في مسماه، فالطلاق بالحمل الشائع حينئذ ليس إلا جعل الزوجة بائنة من الزوجية، والنكاح ليس إلا أحداث علقة الزوجية، فإذا كان هناك اطلاق كما حققناه في المعاطاة في البيع، حكمنا بنفوذ الطلاق بأي سبب كان قوليا أو فعليا، وكذا العتق وأشباههما من العقود والايقاعات.
وإن كانت موضوعة للأسباب فمن الواضح أن ألفاظ المعاملات لا تتفاوت من هذه الجهة بحيث يكون بعضها موضوعا للقول الخاص الذي يتسبب به إلى حقيقة تلك المعاملة، وبعضها لمطلق القول وبعضها للأعم من القول والفعل، بل موضوعة