بالوطئ فإن الوطئ يحتاج إلى سبب محلل له، فلو كان سببا لحلية نفسه لزم اتحاد السبب والمسبب في مرتبة واحدة مع امتناع تأثير الشئ في نفسه.
قلت: قد عرفت صدق ألفاظ المعاملات على ما يتسبب إليه بالفعل على جميع الأقوال، ولا ينافي ما عن المشهور من كون النكاح بمعنى العقد شرعا، فإنه في قبال معناه اللغوي وهو الوطئ لا في قبال السبب الفعلي، وإلا فيستحيل انشائه بالعقد اللفظي، لأن المفهوم الساري في جميع المشتقات هو القابل للانشاء، والموجود الانشائي غير قابل للانشاء، لأن الموجود بأي نحو كان من الوجود لا يقبل الوجود.
وأما شبهة حصر الزنا في صورة الاكراه، فمندفعة بأن الوطئ ربما يتسبب به إلى إيجاد علقة الزوجية عن التراضي، وربما يوجد بنفسه عن الرضا، والثاني زنا محض حيث إنه لا تسبب فيه إلى الزوجية والأول هو محل الكلام.
وأما البرهان على عدم المعقولية فبظاهره غير معقول، لأن السبب هو الوطئ والمسبب هو الحلية، فلم يلزم اتحاد السبب والمسبب ولا تأثير الشئ في نفسه.
نعم يمكن تقريب عدم المعقولية بوجه آخر: وهو أن السبب المبغوض لا يؤثر، فالوطئ المؤثر في الزوجية هنا وفي الملكية في باب الفسخ بالفعل مشروط بالحلية، والمفروض أن الحلية من مقتضيات الزوجية والملكية، فيتوقف حلية الوطئ على تأثيره ويتوقف تأثيره على حليته.
والاشكال ليس من ناحية عدم مقارنة الحلية مع الوطئ والزوجية أو الملكية، ليجاب بأن الزوجية والملكية مقارنان مع الوطئ في الزمان والحلية أيضا، حيث إنها أثر الزوجية والملكية مقارنة معهما في الزمان، ولا منافاة بين التقدم والتأخر بالعلية والمقارنة الزمانية.
بل الاشكال من ناحية اشتراط الوطئ في تأثيره بحليته مع أنها من مقتضيات أثره، كما أنه لا منافاة بين كون الحلية حكما للوطئ بوجوده العنواني كسائر الأحكام بالإضافة إلى موضوعاتها على ما حققناه في محله (1)، وكون هذه الحلية شرطا لتأثير